تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 مجمع مبارك وصرح شامخ

 
الدكتور عمر بن عبدالرحمن العمر عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء

مجمع مبارك وصرح شامخ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

 فإن السنة النبوية  لها منزلة عظيمة في الإسلام وفي نفوس المسلمين، كونها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم ، وقد أوكل الله تعالى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مهمة البيان للقرآن، فقال عز وجل: ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)، وقال: ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)؛ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك خير قيام: يفصل مجمله، ويقيد مطلقه، ويشرح ألفاظه، ويوضح أحكامه ومعانيه، فكان هذا البيان منه صلى الله عليه وسلم هو سنته التي بين أيدينا، ولما كان هذا البيان منه صلى الله عليه وسلم بيانًا لكتاب الله ، فإنه كان مؤيدًا في ذلك من الله عز وجل، وكانت سنته وحيًا من عند الله، كما قال سبحانه وتعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، قال ابن حزم الظاهري: " فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي، والوحي بلا خلاف ذكر، والذكر محفوظ بنص القرآن، فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه و سلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل، مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء، إذ ما حفظ الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء، فهو منقول إلينا كله)  وقال ابن القيم: " فعلم أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين كله وحي من عند الله، وكل وحي من عند الله فهو ذكر أنزله الله. وقد قال تعالى:( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) فالكتاب: القرآن، والحكمة: السنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إني أوتيت الكتاب ومثله معه)، فأخبر أنه أوتي السنة كما أوتي الكتاب، والله تعالى قد ضمن حفظ ما أوحاه إليه وأنزل عليه؛ ليقيم به حجته على العباد إلى آخر الدهر " وقال الحافظ ابن رجب: " فأقام الله تعالى لحفظ السنة أقوامًا ميزوا ما دخل فيها من الكذب والوهم والغلط، وضبطوا ذلك غاية الضبط، وحفظوه أشد الحفظ ". وإن من مظاهر هذا الحفظ لسنته صلى الله عليه وسلم ما أمر به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله تعالى  بإنشاء مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف، ويكون مقره في المدينة المنورة؛ لأجل خدمة الحديث النبوي الشريف، وعلومه جمعًا وتصنيفًا وتحقيقًا ودراسة.

ولا شك أن هذا القرار التاريخي بشرى عظيمة لعموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وسوف يكون هذا المجمع المبارك منارة خير، ومشعل هداية، وصرح شامخ، وحصن حصين لحفظ  كتب السنة النبوية، وصيانتها ونشرها, ويمثل صدور هذا الأمر الملكي الكريم بإنشاء مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف، مع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف استمرارًا لنهج ولاة أمرنا في خدمة الكتاب والسنة اللذين هما المصدر الأصيل للشريعة الإسلامية، والأساس العظيم الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية, ولا شك أن هذا المجمع المبارك من العلم النافع، والصدقة الجارية التي نرجو ثوابها العظيم لخادم الحرمين الشريفين, كما جاء في الحديث الصحيح ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له))  وأن يكون له – أطال الله عمره على طاعته- الحظ الوافر من قول النبي صلى الله عليه وسلم (نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه)).

فنسأل الله تعالى أن يبارك في هذا المجمع وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خير الجزاء ويضاعف له المثوبة على هذا القرار الموفق السديد, كما أسأله سبحانه أن يوفق معالي شيخنا محمد بن حسن آل الشيخ عضو هيئة كبار العلماء، رئيس المجلس العلمي للمجمع للعمل على تحقيق الأهداف العظيمة، والغايات النبيلة لهذا المجمع المبارك.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

د.عمر بن عبدالرحمن العمر

عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء

عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها.

--
22/08/1439 03:22 م
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ
    السبت 01/02/1439 هـ 21/10/2017 م
    المصدر:الإدارة العامة للإعلام والاتصال
    التقييم:
    الكلمات الدلالية
    جامعة الإمام، إنشاء، مجمع خادم الحرمين الشريفين للحديث النبوي الشريف، خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، عمر بن عبدالرحمن العمر، عضو هيئة التدريس، المعهد العالي للقضاء