الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد:
فلقد حبى الله عز وجل ومَنَّ على هذه البلاد المباركة الطاهرة بأن قيض لها رجالاً مخلصين، وقادة أوفياء، وحكاماً حكماء، فالمملكة العربية السعودية تزهو متفردة في نظام حكمها الصالح، وولاة أمرها الراشدين توالى على ذلك حكام آل سعود منذ أن أقام الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- حيث نصر دعوة التوحيد، فكان التجديد، وتنقية العقيدة مما شابها من بدع وخرافات، وانطلقت دعوة التوحيد، فأثمرت ولله الحمد ما نعيشه من نعم لا تحصى ولا تعد، وذلك مصداقاً لوعد الله لمن حقق توحيده، وحكم شريعته، ورفع راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ» وقال سبحانه وتعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)، وقوله تعالى: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
ومكن الله لهذه الدولة، وأعزها، وأعز بها دينه، ووقفت شامخة صامدة أمام المتغيرات والفتن والتحولات، والثورات والاعتصامات، حتى وصفت بما هي جديرة به من أنها حديقة في وسط حرائق وإعصارات، فالحمد لله على ما أولى وأسدى، وأعطى من الفضائل والكرامات، وهذا مالم يرق لدعاة الفتن والضلالات، وجماعات الغلو والتطرف واستغلال الأزمات، وعلى رأس تلكم الجماعات والتنظيمات، جماعة لطالما أبدى فيها الناصحون، وحذر منها المشفقون، وكشف مزايداتها وزيفها ولاة الأمر والعلماء، والمحققون، وكان بعض الناس يتحاشون الحديث عنها إحسانا للظن، وانخداعاً بالشعارات والتزييفات، فتمضي الأيام، وتثبت الخطر، وعظم الضرر، وقوة الأثر على مجتمات المسلمين بعامة وهذه البلاد بخاصة، وكان من أوائل من حذر منها الإمام المؤسس الباني الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه، وجعل لجنة مأواه- حينما عرض عليه التنظيم الدولي إقامة فرع لهم في هذه البلاد الغالية، فأدرك ببعد نظره، وحسه الأمني والفكري، وبصيرته عظم الخطر، وأمات هذه الفكرة في مهدها بذكاء ودهاء، وقال: «كلنا إخوان، وكلنا مسلمون» فذهبت مثلاً في استهداف البنى التحتية للأدلجة الفكرية لهذا التنظيم الخطير، وتوالى ولاة أمرنا وعلماؤنا على هذا الوعي بهذا الخطر، ولأمير الأمن الحكيم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- كلمة حينما وصفهم بقوله: «أقولها من دون تردد أن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها وسمها كما شئت جاءت من الإخوان المسلمين، وأقول بحكم مسؤوليتي إن الإخوان المسلمين لما اشتدت عليهم الأمور وعلقت لهم المشانق في دولهم لجأوا إلى المملكة وتحملتهم وصانتهم وحفظت حياتهم بعد الله وحفظت كرامتهم ومحارمهم وجعلتهم آمنين.
نهاية الجزء الأول ...
معالي الشيخ الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل
مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عضو هيئة كبار العلماء
رئيس المجلس التنفيذي لإتحاد جامعات العالم الإسلامي