تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 ورحل حكيم العرب .. وملك الإنجازات

 
رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد  الأستاذ الدكتور / أحمد بن يوسف الدريويش

كلما عظم المصاب تعطّلت لغة الكلام . . وجّفَ معين الأقلام . . وتعثّرت العبارات . . وشحّت الكلمات . . وتأتأت الألسنة . .

ومن ثم فلا نملك أمام هذا المصاب الجلل إلا أن نقول :

إن القلب ليحزن ، وإن العين لتدمع ، وإن على فراقك يا ملكنا وولي أمرنا وإمامنا لمحزونون . .

ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) . .

اللهم أجرنا في مصيبتنا ، وأخلف لنا خيراً منها . . لله ما أخذ ولله ما أعطى ، وكل شي عنده بأجل مسمى . .

أحسن الله عزاءنا وعزاءكم جميعاً في فقيد الأسرة المالكة الكريمة والوطن السعودي الأبي ، والعالم العربي والإسلامي، والإنسانية جمعاء خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح العادل الراشد / عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – غفر الله له ورحمه ، وأكرم نزله، ووسع مدخله ، وآنس وحشته ، وغسله بالماء والثلج والبرد- . .

لقد مات روح الوطن وسُورِهِ وحصنه المنيع ، وقلبه النابض ، وحبيب الشعب ، وذو القلب الكبير ، ونصير الفقراء والمحتاجين والمعوزين ، ومغيث الملهوفين. . وشقيق كل مواطن ومواطنة . .

لقد فقد الوطن والعالم أجمع برحيله قائداً عظيماً ، وإماماً عادلاً ، وأبا حنوناً ، وملكاً حكيماً ، ورجل إنجازاتٍ ومواقف، وصاحب تخطيطٍ رائد ، وتفكيرٍ استراتيجي متميز ، و شخصية عربيةٍ إسلاميةٍ عالميةٍ فريدةٍ فذة أفرد لها التاريخ صفحات من نور وضياء . . تَشَرَّب حب دينه ووطنه و أمته ، وحمل همّها ، وأحسن مناصرتها ، ومَثَّلَ المسلم الصالح ، والوالي العادل ، والحاكم المخلص الناصح . .

انتقل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود إلى - جوار ربه ومولاه -  بعد حياة حافلة بالإنجازات والعطايا والهبات والمواقف والأعمال الجلية خدمة لدينه وشعبه ووطنه وعالمه . . فمنذ ريعان شبابه تولى عدداً من المناصب القيادية في المجالات السياسية ، والعسكرية ، والأمنية . . خدم فيها وطنه المملكة العربية السعودية ، كما اهتم - رحمه الله - بالنواحي التعليمية والثقافية والتنموية ، حتى من خلال مناصبه العسكرية . .  وتحقق على يديه الكثير من الإنجازات خلال رئاسته للحرس الوطني على صعيد الأمن الوطني . . كما تحقق للوطن إنجازات كبيرة خلال توليه ـ رحمه الله تعالى ـ ولاية العهد بلغت أَوْجها بعد توليه مقاليد الحكم خادماً للحرمين الشريفين وملكاً للمملكة العربية السعودية ، حيث شهد الوطن منذ مبايعته ملكاً في ( 26\6\1426هـ ) إنجازات حضارية ونهضوية وتنموية عملاقة في جميع الجوانب الاقتصادية والمالية والتعليمية والصحية والاجتماعية والصناعية والأمنية . . ناهيك عن وضع الخطط الإستراتيجية المستقبلية لهذه الدولة المباركة التي تميزت بالشمول والعموم والتكامل . . مع اهتمام خاص بالأمن واستقراره ، و الصحة وسلامتها ، و التعليم وتطويره ، وإنشاء للجامعات التكنولوجية المتطورة ، ومضاعفةٍ لعدد الجامعات حيث بلغت (34) جامعة ، بالإضافة إلى إنشاء عدد كبير من الكليات والمعاهد والأقسام العلمية في مختلف التخصصات ، وعاش الوطن نهضة تعليمية وثقافية واقتصادية وتقنية وتطبيقية كبيرة ، كما نعم الوطن بالرفاه الاقتصادي والمعاشي في عهده الميمون ، وقام بربط المملكة بشبكة من الطرق البرية والحديدية التي ستعم أرجاءها بإذن الله   قريباً ، وأولى المقدسات الإسلامية والحرمين الشريفين اهتمامه ودعمه وعنايته ، وعمل على تحقيق التوازن الاقتصادي والخروج من الأزمات الاقتصادية التي اجتاحت العالم بأمن وأمان . . ولا شك أن هذه الإنجازات كانت امتداداً لعمل مَنْ سبقه ، وحلقة متواصلة في سلسلة الإنجازات التي تحققت للوطن على يدِ والده الملك الموحد المؤسس لهذا الكيان عبد العزيز بن عبد الرحمن   آل سعود – طيب الله ثراه – وأبنائه الملوك الكرام البررة السابقين ـ رحمهم الله تعالى ـ جميعاً . .

وبالإضافة إلى ما تحقق على يديه من إنجازات للوطن . . كان - رحمه الله تعالى - حريصاً على نصرة قضايا أمته العربية والإسلامية، ومجتمعه الخليجي ، فكان نِعم النصير لها ولقضاياها في مختلف المجالات ، كما كان حريصاً على وحدة الأمة الإسلامية وجمع شملها ونزع أسباب الخلاف والاختلاف عنها ، وتسوية القضايا الخلافية فيها ، ومناصرته لقضايا الشعب الفلسطيني والمصالحة الفلسطينية ، ودوره في دعم قضية مسلمي بورما , والأقليات المسلمة في شتى أنحاء المعمورة ، وجهوده في محاربة الإرهاب ، وتأصيل منهج الوسطية والاعتدال ، وردع الحزبيين والمتطرفيين وترسيخ مبدأ الحوار الوطني في المملكة العربية السعودية ، واقتراحه على الأمم المتحدة قرار تجريم ازدراء الأديان في ( 11\5\2011م ) وتشييده لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لحوار الأديان بفينّا . . ولا ننسى دوره الرائد في احتواء الخلاف بين بعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي ، وإسكاته لكثير من الفتن الثائرة والمحن التي كادت تعصف ببعض بلادنا العربية والإسلامية . . وطمئن الناس بحكمته وحذقه وفطنته وبعد نظره وخبرته ودرايته وقراراته الصائبة ومداخلاته الرائدة ، وجرأته في قول الحق والصدْع به في مختلف الأمور والقضايا والظواهر والمستجدات والنوازل . .

فكان - رحمه الله تعالى - ملكا للسلم والسلام والأمن والأمان والحوار والتعايش السلمي والتقارب بين الحضارات وأتباع الديانات والثقافات الأخرى ، فجزاه الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ، ونسأل الله سبحانه وتعالى له الرحمة والمغفرة ، وأن يسكنه فسيح جناته . .

هذا وإن مما يخفف آلالم المصاب ، وفداحة الخطب هو أن خلفه الإمام ابن الإمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – سيسير على نهجه ونهج أسلافه ، وسيحمل هَم وطنه وأمته، وسيكرّس وقته وجهده لما فيه خير الدين والوطن والمواطن وصلاح البلاد والعباد . .

فعزائنا ثم عزائنا له سائلين الله – سبحانه وتعالى – له الإعانة وموفور الصحة والعافية والسعادة في الدارين . .

والعزاء يمتد إلى ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير / مقرن بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله وسدده - . . ذو الرأي الصائب والفكر الصائب . .

وإلى ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير / محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – رجل المهمات ، وصاحب المواقف ورائد المناصحة والرعاية . .

معلنين مبايعتنا لهم جميعاً على كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - ، وعلى السمع والطاعة لهم في المنشط والمكره ، والعسر واليسر ، وأثرة علينا ، وأن لاننازع الأمر أهله . .

 كما نبارك وندعوا الله مخلصين أن يوفق صاحب السمو الملكي الأمير / محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود   – حفظه    الله – وزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي على حمل الأمانة ، وتحمل المسؤولية وهو لذلك أهل ولا شك . .

مشيدين بسلامة وهدوء و سلاسة انتقال البيعة لهم ، واستقرار الحكم في بلادنا؛ الأمر الذي خيب كل الظنون وقطع كل الإشاعات ، وأفرح كل مواطن ومسلم مخلص . .

نسأل الله أن يحفظ ولاة أمرنا ، وأن يوفق بلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، وولي عهد    الأمين ، وولي ولي عهده – حفظهم الله جميعاً - للقيام بدورها المحوري الرائد محلياً وإقليمياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً . . والحمد الله أولاً وآخراً . .

 كتبه

وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية – سابقاً - 

رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد

 الأستاذ الدكتور / أحمد بن يوسف الدريويش

3 / 4 / 1436 هـ - 24 / 1 / 2015 م

--
22/08/1439 03:09 م
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ