تفخر الجامعات عبر العالم بالحاصلين على الدرجات العلمية منها، بل وتفاخر بمن تسنموا مناصب قيادية منهم، وعلى هذا المنوال يحق لنا منسوبي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية اليوم أن نغتبط أيما اغتباط وان نزهو أيما زهو بقبول خادم الحرمين الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله- شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة لتضاف إلى سجله الزاخر، والحافل بالشهادات، والجوائز، والألقاب.
لقد وافق اختيار الجامعة خادم الحرمين الشريفين لنيل شهادة الدكتوراه الفخرية في العلاقات الدولية وتحقيق مبادئ الأمن والسلام محله، حيث تميزت مسيرته –حفظه الله- حتى قبل توليه مقاليد الحكم في المملكة بإنجازات لم تتحقق لقائد قبله في العالم كله، فهو راعي الحوار الأول بمختلف مستوياته وأبعاده، فقد رعى الحوار الداخلي بين مختلف الأطياف والمشارب واعتمده الأسلوب الأمثل لتعزيز بنية المجتمع السعودي، كما تبنى الحوار على المستوى الخارجي ونادى به بين الحضارات، و بين أتباع الديانات والثقافات، ورآه بعقله الثاقب وحنكته الراسخة الآلية المثلى للتعايش والتفاهم المشترك بين الأمم والشعوب.
أما السعي لتحقيق السلام الدولي والسلم الاجتماعي بين مختلف الدول والجماعات فقد كان الشغل الشاغل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث عني منذ توليه القيادة في المملكة بدعوة الفرقاء في كل مكان إلى نبذ الخلاف وتبني الحلول السلمية عبر مختلف الآليات للوصول إلى التفاهم والتعايش بين الدول، وقدم جملة من المبادرات التي كان لها بفضل الله الدور الرئيس في عودة الهدوء والاستقرار إلى كثير من الدول والأقاليم المضطربة.
أما فكر الغلو والتطرف المفضي إلى الإرهاب فكان الملك عبدالله بن عبدالعزيز خصمه الأول والسد المنيع الذي أسهم بفكره وجهده في التصدي له، لقد تبنى خادم الحرمين الشريفين –حفظه الله- جملة من المبادرات المحلية والدولية التي لم يعهدها العالم للتعامل مع الفكر المنحرف ومعتنقيه، رغم قدم ظاهرة الغلو في الأديان وتنوع المظاهر السلبية المترتبة عليها في مختلف العصور.
أن أبرز ما تميزت به مبادرات الملك عبدالله في التعامل مع فكر الغلو والتطرف توافرها على الحلم والحزم في الوقت نفسه، وقيامها على أساس من الاستبصار بخطورة الموقف وسوء عواقبه، إن لم تتم مواجة هذا الفكر بالأساليب والوسائل المثلى، إن الحلم الذي ميز استراتيجات التعامل مع الإرهاب لدى الملك عبدالله ينبثق من إيمانه –حفظه الله- بأن التطرف نتاج خلل فكري يحتاج إلى معالجة متأنية قد تطول، ولذلك فقد أكد حفظه الله على أن المملكة ستظل وراء الإرهاب والإرهابيين مهما طال الزمن، أما الحزم في التعامل مع الجماعات الإرهابية الذي اتسمت به توجيهاته حفظه الله- فيرجع إلى إدراكه –رعاه الله- أن القوة السبيل الأمثل لمواجهة مرتكبي الأعمال الإرهابية الذين وقعوا في المحظور وأزهقوا الأنفس، وأتلفوا الممتلكات.
لعل مما يسعد منسوبي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن الجامعة كانت وستظل –بحول الله-جزءا من آليات تفعيل الرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، حيث أسهمت الجامعة وما تزال عبر كلياتها ومعاهدها البحثية وبرامجها العلمية وإصداراتها في تحقيق رؤية المليك المفدى وسعت إلى تهيئة السبل الكفيلة ليكون الحوار الأداة الأهم للتفاهم والتعايش محلياً ودوليا، ودعمت كل ما يفضي إلى تعزيز الوسطية والاعتدال في نفوس منسوبيها والمتخرجين فيها، بل وفي المجتمع كافة، بما يؤكد للعالم قاطبة أن المملكة وقيادتها وشعبها يمثلون النموذج الأمثل للإسلام الوسطي القائم على الكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح، بعيداً عن الغلو والتطرف، وبعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية للأمم والشعوب.