تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 الذكرى الأولى لبيعة ملك الحزم : عهد خير ونصر وعز للإسلام والمسلمين

 
وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية أ . د ابراهيم محمد قاسم الميمن

​الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه , وعظيم سلطانه , والصلاة والسلام على خيرة خلقه , وخاتم رسله , وبعد : فإن منجزات العظماء لاتقاس بالزمن , ومنذ بيعة إمامنا ومليكنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في يوم الجمعة 1436/4/3هــ بعدما قضى الله ولا راد لقضائه أن يختار لجواره الملك الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله, ويخلفه في قيادة بلد النماء والعطاء, والحب والوفاء ولي عهده الأمين, وعضده المكين, خادم الحرمين الشريفين الملك/ سلمان بن عبد العزيز -أيده الله- فتجتمع القلوب على تسليم القياد له, وتبايعه بيعة شرعية, تؤكد على تمسك هذه البلاد بحكم الله وشرعته في اختيار الحاكم, وتظهر اللحمة بين الراعي والرعية في أبهى صورها , وأبرز معانيها كيف لا وشعار هذه العلاقة الذي نفتخر  به في بلادنا هو البيعة ذلكم المصطلح الشرعي , والميثاق الغليظ الذي بموجبه تجتمع الكلمة ويتوحد الصف حيث إن البيعة هي الميثاق والعهد الذي يدين به المسلمون لولي أمرهم بالولاء والسمع والطاعة والنصح, وبذل حقوق الإمامة, ومنذ ذلك التأريخ انطلق خادم الحرمين الشريفين بما حباه الله جل وعلا من خلال وخصال القائد الفذ الذي يسجل له التأريخ بأحرف من نور, وتحفظ له السجلات الخالدة أعمالاً جليلة, ومكتسبات فريدة, أثبتت المملكة للعالم قوتها , وعزة المسلمين فيها , وقوة الأسس , والثوابت التي قامت عليها , ورغم الفترة القريبة إلا أنه تحقق في عهد المليك المفدى منجزات نوعية, لا في المجال الوطني وعلى الصعيد الداخلي فحسب,بل حتى على المستوى الدولي والعالمي, حتى اختير -وهو جدير بهذا الاختيار- ضمن أعظم الشخصيات تأثيرًا في الواقع الدولي , وحصل في العام المنصرم من التحولات والمتغيرات ما قضاه الله وقدره لتثبت مملكة الحزم و العزم أنها الثقل العالمي الذي لا يمكن تجاوزه .

إن هذه المناسبة الغالية, والذكرى المتجددة الممتدة بإذن الله تحمل معاني عظيمة, ودلالات أكيدة,

أولها وأهمها: المعاني الشرعية التي بنى فيها المواطنون علاقتهم بولاة أمرهم وقادتهم على الأصول الشرعية, فهذه العلاقة ليست علاقة شعب بحكامه فحسب, وليست علاقة تحكمها المصالح, بل منطلقها التعبد لله بهذه البيعة التي كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبذلونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه من بعده, يدينون بها لله, ويتعبدون بمقتضياتها التي وردت في مثل حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه و سلم على السمع و الطاعة في المنشط والمكره, والعسر واليسر, وعلى أثرة علينا, وأن لا ننازع الأمر أهله" أخرجه البخاري ومسلم, كيف لا والمملكة العربية السعودية دولة التوحيد والعقيدة والشريعة, ينص فيها نظام الحكم على اعتماد الكتاب والسنة أساسًا, واعتمادهما في جميع نواحي الحياة ونظم البلاد منهجًا, ولهذا تحققت بهذه الأصول على أيدي هذه الأسرة الماجدة من المكاسب العظيمة , وعاشت أعظم وحدة عرفها التأريخ المعاصر منذ أن أعاد بناءها, وجمع شتاتها, ووحد أجزاءها المؤسس الباني الملك الصالح المجاهد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه, وجعل الجنة مأواه- ثم توالى أبناء المؤسس على قيادة هذا الوطن الغالي, حتى هذا العهد الميمون الذي قادنا فيه ولي أمرنا ومليكنا المفدى بمؤازرة ومعاونة عضده المكين وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ، وسمو ولي ولي العهد  صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد بن سلمان العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع -أدام الله علينا نعمة ولايتهم, وحفظهم وزادهم عزًّا وتمكينًا- إلى آفاق العز والخير , وفرضت المملكة العربية السعودية نفسها على الواقع الدولي كرمز للسلام , والعزة ونصرة قضايا المسلمين , ومقاومة الإرهاب من أي مصدر كان بحزم وعزم , وتنفيذ حكم الله فيمن أفسد في الأرض فكانت هذه الحقبة القصيرة زمنياً مليئة بالمنجزات النوعية التي غيرت وجه العالم ولله الحمد .

وثاني تلك المعاني: أن مثل هذه الذكرى فرصة لتجديد معاني البيعة, وتذكر النعم التي تتوالى على هذا الوطن المبارك, والبلد الآمن, فقد مرت بالمنطقة أحداث كبرى وتحولات ومتغيرات : مواجهة مع العدو الغادر الذي باع وطنه لأتباع المجوس ، وتحالف معهم لضرب وحدة الدول العربية عموماً والمملكة على وجه الخصوص ، وفئات الفساد والإفساد التي تخدم التنظيم الإجرامي بأفكاره المتطرفة وأعماله الإفسادية لاستهداف أمن هذه البلاد,وقيادتها ووحدتها , لتصمد هذه البلاد بقيادتها وشعبها, وتأتلف وتجتمع على ثوابتها الشرعية والوطنية, وتتوحد على قيادتها الحكيمة, بل وتكون محور اجتماع وإجماع إسلامي على محاربة هذا العدو , ومقاومة هذا المهدد الخطير , وإن هذه النعمة لمن أجل النعم, والتذكير بها, وتوجيه العقول إلى الاعتبار والادكار في زمن الفتن والمتغيرات والحوادث والتقلبات مهم, فما منّ الله به من الوحدة والتلاحم بين الراعي والرعية , وبين المسلمين حتى تحصنت من دعوات الشر والفتنة والانقسامات والمظاهرات أمر يستحق الشكر, وهو دليل على خيرية وقوة وعزة الوطن الذي يتميز بها، ولذا يُذَكِّر الله رسوله وخليله محمدًا بنعمة صلى الله علية وسلم بنعمة الإلفة والوحدة فيقول: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم}[الأنفال: 63]، فالله هو الذي يعطي المحبة وينزعها، وهو الذي يجمع القلوب ويؤلفها, وهي لاشك لا تحصل إلا بعمل جليل، يعامل به المسلم ربه ويصدق مع الله, فيصدقه الله ويكتب الله له القبول في الأرض كما ورد في الحديث: «إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال إني أحب فلانًا فأحبه، قال فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال ثم يوضع له القبول في الأرض»، ومنبع الخيرية فيها أنها عائدة إلى الأصول والثوابت والرواسي, فمنطلق الرعية في تعاملهم مع ولاة أمرهم ومحبتهم لهم هو عبوديتهم لله عز وجل بهذا الأصل العظيم الذي هو وصية الرسول صلى الله عليه وسلم وصية المودع: «أوصيكم بتقوى الله, والسمع والطاعة, وإن تأمر عليكم عبد», وأمره صلى الله علية وسلم لمن سأله عن النجاة من دعاة الفتنة والخروج على الحكام بقوله: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم», ومشاعرهم تجاه ولاة أمرهم هي عبودية أيضًا: «خيار أئمتكم من تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم», «إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي السلطان المقسط», وولاة الأمر في المقابل يستشعرون عظم المسؤولية وثقل الأمانة, ويعيشون هموم الوطن والمواطنين, ويرون أن سعادة المواطن سعادة لهم في مشاعر متبادلة، فالشعب الوفي, وأبناء هذا الوطن يحسون بها، وولاة أمرنا وعلى رأسهم مليكنا المفدى يبادلهم الحب بمثله.

وثالث تلك المعاني: أن نتذكر تفاصيل المنجزات, وما تحقق في هذه الحقبة الممتدة بإذن الله من خيرات وبركات, وما أغدق الله وأفاء ووفق إليه خادم الحرمين الشريفين من أوامر ملكية سامية تؤسس لاستقرار سياسي , ووحدة دائمة , وعز ورخاء وتؤكد ثوابت البلاد, وتحفظ هيبتها, وتثمر رخاءً ونعمًا لا تعد ولا تحصى, يَنْعم بها من شرفه الله بالانتساب إلى هذه البلاد المعطاء, بل وحتى المقيم فيها, فما أجلها من نعم في وقت نرى من حولنا يتخطفون, ويفقدون أعز المطالب, فالحمد لله على آلائه, ونسأل الله الذي أفاء بهذه الآلاء أن يحفظها من الزوال, ويحميها من دعاة السوء والفتنة, ونسأل الله أن يكتب التوفيق والسداد لإمامنا وولي أمرنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز , وأن يحفظ ولي عهده الأمين وعضده المتين صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد بن نايف بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي العهد الأمير/ محمد بن سلمان بن عبد العزيز, ونسأله سبحانه أن يمتعهم بالصحة والعافية, ويديم عليهم توفيقه وتسديده, إنه سميع مجيب.

والحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية

 والأستاذ في الـمـعهــد العالي للقضاء، عضو لجان المناصحة

 أ . د ابراهيم محمد قاسم الميمن

 

--
22/08/1439 03:12 م
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ