تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 بشاعة الاعتداء... وبسالة المواجهة

 
رئيس الجامعة الإسلامية العالمية فى إسلام أباد - باكستان  أ. د. أحمد بن يوسف الدريويش

 

الاعتداء الآثم، والجريمة النكراء التي ارتكبتها فئة من الإرهابيين الضالين الغالين في شمال المملكة العربية السعودية فجر يوم الاثنين 1436/3/14هـ في مركز سويف في  عرعر في الحدود الشمالية جريمة بشعة وخيانة في حق الوطن وأمنه واستقراره وسلامة حدوده، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على خيانة مرتكبيها وتجردهم من الدين والقيم والمعاني الإنسانية، فضلاً عن القيم والأخلاق الإسلامية، فهؤلاء لم يرحموا أنفسهم حيث قتلوا أنفسهم وقطعوها إرباً إرباً ! ! فكيف ينتظر منهم الرحمة بغيرهم . . ؟! وهم بهذه الجريمة أرادوا محاولة فتح ثغرة في جدار أمن الوطن المتين.. إلا أن رجال أمننا البواسل والمدافعين عن حدود الوطن وثغوره كانوا لهم بالمرصاد، حيث ضرب قائد حرس الحدود الشمالية العميد عودة بن عوض البلوي ـ رحمه الله تعالى وتقبله شهيداًـ وزملاؤه أروع الأمثلة في التضحية والفداء دفاعاً عن دينهم ووطنهم وقادتهم ومجتمعهم، وهذا الأمر له دلالة خاصة تشير إلى أن أمن وطننا بخير ,  وأن جنودنا الأكفاء كل في موقعه قادة وضباطاً وصف ضباط وجنوداً وأفراداً يتولون الدفاع عنه وعن أمنه في كل وقت وحين وفي أي مكان وبقعة من هذه الأرض الطاهرة جواً وبحراً وبراً.. بل إن القادة منهم دائماً في الصفوف الأمامية يباشرون مهامهم بأمانة وشجاعة وإقدام وإخلاص.. مطبقين بذلك القسم الذي أولوه على أنفسهم أمام ولاة أمرهم في الدفاع عن الدين والمليك والوطن، وليكونوا قدوة لمن تحت قيادتهم..  كما يدل على عزم قادة بلادنا وولاة أمرنا ـ حفظهم الله ـ على اجتثاث جذور الإرهاب وتجفيف منابعه ومواجهته بشتى الوسائل والسبل التوعوية والفكرية والأمنية.. والضرب بيد من حديد على كل عابث أو مفسد يريد بأمن هذا الوطن سوءاً, وعدم التهاون معه في أي موقع كان.. ؟؟!!

إن هذه الجريمة الإرهابية النكراء تدل على أن هؤلاء الإرهابيين المفسدين الباغين الخارجين عن السمع و الطاعة و الجماعة , ومن يقف وراءهم, قد وصلوا إلى منتهى درجة اليأس والإفلاس، وأنهم لا يتورعون عن ارتكاب أي جريمة يستطيعون ارتكابها مهما كانت آثارها و نتائجها لكن :((ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)) ..

كما أن وقوع هذه الجريمة البشعة تؤكد على سلامة نهج ولاة أمرنا ـ حفظهم الله ـ في محاربة التطرف والتشدد والغلو والإرهاب بكل وسائله وصوره وأشكاله .. وهذا يوجب على العلماء وطلاب العلم وقادة الرأي والفكر والثقافة في المجتمع تكاتف الجهود ,وبذل المزيد من الجهد والجدية في محاربة الإرهاب , وتحصين المجتمع فكرياً وتوعياً منه، والتوكيد على خطورته على أمن المجتمع واقتصاده ومكتسباته وممتلكاته .. وقبل كل ذلك خطورته على الدين والمعتقد والخلق والضمير ..  والتحذير منه , وعدم إيواء مرتكبيه , أو التستر  عليهم , أو التعاطف معهم أياً كانوا ومهما اختلفت طبقاتهم أو فئاتهم  أو مراحلهم العمرية ، فالمستهدف بهذه الجريمة الإرهابية وأمثالها المواطن و الوطن بكل أطيافه ومقدراته ومكوناته ..

هذا وإن مما يثلج الصدور ويريح الخاطر  ذلك البيان الذي صدر عن الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية الذي يجرم ويحرم فيه هذه الجريمة الإرهابية النكراء ويعتبرها جريمة عظيمة وظلماً وعدواناً حرمته الشريعة الإسلامية وجرمت فاعله وبين أن مرتكبه مستحق للعقوبات الزاجرة الرادعة عملاً بنصوص الشريعة الإسلامية، وطلب من الجميع أن يتعاونوا مع ولاة الأمر في محاربة هؤلاء ومن يقف وراءهم، وعدم التستر أو الإيواء لأي منهم.. 

ونحن إذ نؤكد توكيداً جازماً على أهمية هذا البيان من علمائنا الأجلاء  المخلصين .. لنأمل ونرجو أن يتمثل واقعاً ملموساً وأن يأخذ الجميع به وينفذوا ما ورد فيه

لاسيما وهو المتفق مع ما وجهنا به ولي أمرنا وقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله وألبسه الله ثياب الصحة و العافية والسلامة – وحملنا إياه من وجوب أن يضطلع كل منا بدوره المناط به شرعاً تجاه ذلك واقعاً وعملاً وتنفيذاً بصدقٍ وإخلاصٍ وأمانةٍ .. مع وضوح الرؤية والشمولية, والبعد عن الضبابية في المحاربة والمعالجة .؟!  

وهناك لفتة إنسانية مهمة أخرى خلال مواجهة هذه الجريمة البشعة تتمثل في قيام رجال الأمن البواسل المباشرين لهذه العملية  بمحاولة إقناع هؤلاء المجرمين الهالكين  بتسليم أنفسهم ,  وأن يرجعوا إلى الحق ويعودوا إليه , فلم يبادروا بقتالهم مباشرة أو دفع أذاهم أو عدوانهم مع إمكان ذلك من قبلهم.. إلا أن امتثالهم لتوجيهات ولاة أمرهم بالتعامل مع مثل هذه المواقف بالحكمة , ودفع الأذى بالأدنى , وبالتي هي أحسن  , فضلاً عن أخلاقهم الإسلامية، وقيمهم الفاضلة، وإحسان ظنهم, ومحاولة مناصحتهم وإقناعهم للرجوع إلى الحق.. كان هو رائدهم وقتها، وماثلاً عياناً أمامهم..  إلا أن هؤلاء الغلاة الضالين المرهبين تجردوا عن كل المعاني الإنسانية وقيمها , فضلا عن بعدهم عن الإسلام الصحيح ومنهجه المعتدل وسماحته ووسطيته وأخلاقياته الفاضلة , حيث لم تنفع معهم تلك اللفتة الإنسانية والتعامل الحسن بل تحينوا الفرصة وغدروا واستباحوا الدماء المعصومة,  وفجر أحد الهالكين نفسه بقصد الاعتداء على من مدّ يد السلام والأمان له.. الأمر الذي تسبب في هلاك نفسه ثم هلاك المجرمين المعتدين معه, واستشهاد أولئك الأبطال الأفذاذ الذين سيخلدهم التاريخ , ويذكرهم أهلهم وعشيرتهم ومجتمعهم وولاة أمرهم وكل مواطن مخلص بالخير والذكر الطيب الحسن ... كيف لا, وهم قدموا أنفسهم دفاعاً عن دينهم ووطنهم ومقدساتهم, ورخصت عليهم أنفسهم في سبيل ذلك ..

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الشهداء من رجال الأمن بواسع رحمته ومغفرته وأن يسكنهم فسيح جناته، وأن يرزق أهلهم وذويهم الصبر والسلوان ، وأن يخلفهم في مصيبتهم خيراً منها .. كما نسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وولاة أمرنا ووطننا من شر هؤلاء وأمثالهم، وأن يجنبنا الفتن ماظهر منها وما بطن , وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم , وأن يجعل تدبيرهم تدميراً عليهم إنه سميع مجيب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

       كتبه

   أ. د. أحمد بن يوسف الدريويش

رئيس الجامعة الإسلامية العالمية فى إسلام أباد - باكستان

1436-3-15هـ  6-1-2015م    

--
22/08/1439 03:09 م
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ