تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 كلمة الدكتور المحمود بمناسبة افتتاح المعاهد الثلاث في اندونيسيا

 
وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للشؤون التعليمية د.عبدالعزيز بن عبدالرحمن المحمود

‏‏مقال بمناسبة افتتاح ثلاثة معاهد في إندونيسيا

د.عبدالعزيز بن عبدالرحمن المحمود

وكيل الجامعة للشؤون التعليمية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاةُ والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه.

أما بعد:

فلقدْ أشرقتْ شمسُ الإسلامِ بحقائقِ العِلمِ والمعرفةِ؛ لتضيءَ للمكلفينَ أنوارَ التوحيدِ، وسبلَ الهدايةِ، وترفعَ غياهبَ الجهلِ؛ فبعث الله نبيَّه محمداً – صلى الله عليه وسلم- معلماً وهادياً؛ قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ * ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ ﴾ [الجمعة: 2 - 4]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً))[رواه مسلم من حديث جابر]، وفي هذا بيانٌ على أن سيد الخلق –صلى الله عليه وسلم- هو المعلم الأول، وأساس العلم الشرعي، ومورد الشريعة، ومعلم البشرية، وفي هذا من الدلالة أوضحها وأبينها على أنَّ نشر العلم، وبيانه، وتقريبه، وتعليمه، ودعمه، اقتفاءٌ للنبي-صلى الله عليه وسلم-، ودعوةٌ لسنته، ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ ﴾ [سورة يوسف: 108]، واتباع النبي- صلى الله عليه وسلم- برهان الإيمان، وظاهر الحسن، ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾[سورة الأحزاب: 22].

ولما كانَ الأساس الذي ترسخت عليه المملكة العربية السعودية منذ نشأتها وتأسيسها؛ هو التمسك بالكتاب، واتباعُ النبي –صلى الله عليه وسلم-؛ وجعلهما الحاكمان اللذان يبسطان على سائر شؤون هذه البلاد المباركة ظلالهما، وعنها يصدرون، وإليها يردون؛ كان الاهتمام بنشر العلم، والحرص على التعليم، من أولى المهمات التي جعلها الملك عبدالعزيز – رحمه الله- رسالةً وهدفاً، وليس في المملكة العربية السعودية فحسب، بل وللعالم أجمع.

وسارَ على هذا النهج الأسمى، والسير الأوفى، قادة هذه البلاد من بعده –رحمهم الله-، وحتى أتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- يحفظه الله- الذي شرفه الله بخدمة الكتاب والسنة، تعليماً، ونشراً، ودفاعاً عن جنابهما، فكانت من مقولاته المتينة، وكلماته السديدة، ما نصه: (إن من يعتقد أن الكتاب والسنة عائق للتطور أو التقدم فهو لم يقرأ القرآن أو لم يفهم القرآن)، والشواهد في ذلك كثيرةٌ، ومن ذلك ما توَّجَ به جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية موافقةً على افتتاح ثلاثة معاهد في إندونيسيا، عرفاناً منه – أيده الله- على جودة المخرج، وبعد الأثر، وسلامةُ النهج، ونشراً للعلم، وذلك ليضاف للمعهدين السابقين، كي تكتمل عقد المعاهد الخمسة في إندونيسيا.

إن هذه الرؤية الحكيمة، والنظرة الثاقبة، والأساس الثابت، والمقصد الشامخ، والباعث السامق، والذي ينطلق من النصوص الشرعية، والأصول المرعية، وأدلة الشريعة، والرامية إلى نشر العلم، وغرس القيم، وترسيخ الوسطية، ونبذ الغلو، والدعوة إلى الله.

انطلاقاً من الدور الريادي، والمنهج السامي، والتميز العالي، الذي اختطته المملكة العربية السعودية في الحرص على رفع راية التوحيد، ونشر معالم الوسطية، لتكون مصدر إشعاع، ومنارة ضياء، واضحة الرسم، ظاهر الأثر، بينة المقاصد، ثابتة القواعد.

وهذا الدعم السخي، والحرص الكبير، على كل ما من شأنه تبيين هذا الدين بوسطيته وسموه وسماحته وعدله وصلاحيته، سالكين في ذلك الوسائل المتنوعة، وعلى رأسها تأسيس المعاهد والمدارس، التي جعلت العلم شعاراً وعنواناً لنهضة شماء، وإصلاح الفرد والمجتمع في شتى المجالات؛ لأن العلم هو الباني لكل حضارة، والمزيل لكل جهل، والمهذب للطباع، والمربي للأجيال.

إن الموافقة الملكية الكريمة لما رفعه معالي الوزير الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل؛ لهو مصدرُ فخارٍ للجامعة، وشهادة تميزٍ، ووسام على كل منتسب لهذه الجامعة الغراء، وتأكيد على ما للجامعة إدارةً ومنسوبين من اليد الطولى، والخبرات الكبيرة في حسن الإدارة، وتسيير العملية التعليمية، ونظير ما حققته الجامعة على وجه العموم والمعاهد على وجه الخصوص من المنجزات المبهرة، والمخرجات ذات الجودة، وتحقيقها أعلى درجات التميز والاعتماد.

إن المعاهد التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الخارج لهي خير سفير هادفٍ للتعليم من المعين الذي لا ينضب، ونشرٍ للغة القرآن، وتعليم لها، وغرس لمعالم الدين، وقيم الوسطية، وتشييد لصرح الاعتدال، وترسيخ لمفهوم المواطنة، وتأسيس لمبدأ المسؤولية عن تراث الأمة وحضارتها، واعتزاز لمشاعر الانتماء، واستثمار في الإنسان.

لقد قامت الجامعة على أهداف راقية، وغايات نبيلة، حاملةً في لوائها مهمة الدعوة إلى الله، ونشر العلم، وحماية الفكر، ومحاربة الغلو، وصيانة العقل، وحراسة الذهن، من أن تصل إليه شبهات المفسدين، وضلالات المخربين.

ولقد جاءت آثار الجامعة ممتدة، ومنجزاتها متوالية، فلم تكن قاصرةٌ على الداخل فحسب، بل جاء تأثيرها وارف الظلال، عالي المعالم، فكانت معاهد إندونيسيا الخمسة، ومعهد جيبوتي، ومعهد طوكيو.

فهذه المعاهد مناراتُ خيرٍ، وإشعاعُ ضياء، وأنهار جارية، تصب في بحار العلم النافع، الجامع بين الأصالة والمعاصرة، والهادف إلى تحقيق مصالح العلم.

لقد سعى معالي المدير الأستاذ الدكتور/ سليمان بن عبدالله أباالخيل جاهداً في العمل المؤسسي، والتخطيط المتقن؛ للخروج بمخرجات مشرفة، محققة للطموحات والتطلعات.

إنَّ إندونيسيا لهي أكبرُ بلدٍ إسلاميٍ من حيث السكان؛ إذ بلغ عدد سكانه ما يقارب (238) مليون نسمة وهي المتربعة على جنوب شرق القارة الأسيوية، ومحط رحال القاطنين في البلدان هناك؛ قد رأت القيادة الحكيمة مدى الإقبال الكبير من أبناء تلك البلدان على المعهدين التابعين للجامعة؛ معهد العلوم العربية والإسلامية في جاكرتا، ومعهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للدراسات العربية والإسلامية في بندا اتشيه، حتى أنَّ الأعداد الممكنة للقبول لم يعد هذين المعهدين كافٍ لهما؛ ولا ريب أن هذا الإقبال منقطع النظير؛ لهو دليل على الإنجازات المتحققة منهما، والمخرجات المنجزة فيهما، وكونه المنهل الوسطي، والمنبع المعتدل، والمورد المتزن لتعليم العلوم الشرعية واللغة العربية في هذا البلد المسلم، وقد كان لمخرجات هذا المعهد مكاناً سامياً في هذا البلد؛ حيث بلغوا إلى مناصب رسمية، وإدارات علمية، في إندونيسيا؛ هذا البلد الذي دخل إليه الإسلام عن طريق المعاملة الحسنة، والتأسي بأخلاق الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم-، حيث بينت المصادر التاريخية أن دخول الإسلام إلى إندونيسيا كان عن طريق التجار المسلمين إذ أظهروا الإسلام منهجاً عملياً في التجارة والتعامل.

ولقد جاءت الموافقة الملكية السامية الكريمة والدعم السخي والتأييد الكبير من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله- بافتتاح ثلاثة معاهد تضاف إلى المعهدين السابقين؛ وذلك في مدينة سورا بايا بجاوا، ومدينة ماكسر بسلاويسي، ومدينة ميدان بسومطرة ؛ وذلك لحرصه – أيده الله – على نشر العلم الوسطي الصحيح، ومحاربة الأفكار المنحرفة الهدامة، وانطلاقاً من التزامه بمحكم الوحي القرآني، واتباعه للهدي النبوي، وقد جاء محققاً للعمق التاريخي، ومنسجماً مع العمق الإسلامي، اللذان هما مرتكزات رؤية التحول الوطني 2030.

إنَّ المملكة العربية السعودية تمثل حضارةً علمية، ونهضة كبيرة، ونوراً مشعاً للعالم الإسلامي؛ وذلك عن طريق دعم القضايا الإسلامية، ونشر العلم الصحيح، ومحاربة الغلو والتطرف والانحراف.

إن العلم الشرعي، المنبثق من القرآن والسنة، وعلى فهم سلف الأمة وخيارها؛ لهو الطريق إلى السؤدد والمجد، والمكافح للجهالات والضلالات.

فهنيئاً لجامعتنا الغراء، هذه الإنجازات المتوالية، والتطور المتنامي، وشكراً لولاة أمرنا الأجلاء، الذين بذلوا الغالي والنفيس لكل ما فيه مصلحة للمسلمين، والشكر لله – جل وعلا- على ما حبانا به في هذا البلد، والحمد له على ما من به علينا، ثم الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على موافقته الكريمة، ولسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ولسمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

والشكر موصولٌ لمعالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور/ سليمان بن عبدالله أبا الخيل، رائد الأعمال في هذه الجامعة، ولجميع العاملين في الجامعة.

سائلين الله للجميع التوفيق والسداد، وأن يمدهم بالعون والرشاد.

 ​

--
22/08/1439 03:18 م
آخر تعديل تم على الخبر:
2501-2500-2499-2497-2492-

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ