الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد حرص ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود –رحمه الله- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -رعاه الله- على القرب من المواطن، وتلمس حاجاته، والعمل على توفيرها، واتخاذ القرارات التي تسهم في تيسير حياته، وتدرأ عنه المفاسد، من أجل تحقيق المصلحة العامة للوطن والمواطن.
ومن ذلك الأمر السامي الكريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -أيده الله- القاضي باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية - بما فيها إصدار رخص القيادة - على الذكور والإناث على حد سواء، بما يتفق ويتواءم والضوابط الشرعية التي أقرها ديننا الحنيف السمح، وعادات وطننا الغالي وتقاليده بما يحفظ القيم ويراعي حشمة المرأة، ويضمن لها حياة كريمة.
وقد أقرت هيئة كبار العلماء أن قيادة المرأة للسيارة مباحة في أصل الشرع الإسلامي ، أما ما ورد من تحريمها فهو مرتبط بتقدير المصالح والمفاسد، أما القيادة فلم تحرم لذاتها.
ويتضمن ذلك الأمر السامي العديد من المصالح الوطنية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، ذلك أن السماح بقيادة المرأة سيعزز ثقة المجتمع بها، ويجلي قيمتها السامقة فيه، ويكشف تميزها بالالتزام بالقيم والأخلاق؛ التي حث ديننا الحنيف عليها، وعلى مر العصور أثبتت المرأة السعودية قدراتها ومهاراتها، وامتلاكها مقومات النجاح وخدمة دينها ووطنها ونفسها وأهلها ومجتمعها بما يحقق تطلعات ولاة الأمر؛ لذا نرى العديد من بنات الوطن حصلن على العديد من الجوائز الإقليمية والعالمية، فضلا عن المراكز المتقدمة في العديد من المجالات العلمية (النظرية والتطبيقية)؛ حتى صار يشار إليها بالبنان.
كما تضمن ذلك القرار الحكيم أبعادا أمنية واجتماعية، ذلك أن قيادة المرأة للسيارة، أو ركوبها مع امرأة أخرى سيقلل بل سيلغي المفاسد المترتبة على ركوبها مع رجل غريب عنها سواء أكان سائقا خاصا أم سائق أجرة، ولا يخفى ظهور بعض السلوكيات السلبية من بعض السائقين، وبذلك تكون قيادة المرأة للسيارة أولى وأخف ضررا وأقل مفاسد من ركوبها مع سائق أجنبي عنها.
فضلا عن أثر ذلك القرار في منح الرجل فرصة لاستغلال وقته في الإنتاج وبناء الوطن وفق أعلى مستويات الأداء، إضافة إلى دور قيادة المرأة في تعزيز العلاقات بين أفراد الأسرة، ويتجلى ذلك في مشاركة المرأة السعودية زوجها وأسرتها وتعاونها معهم في إنجاز الكثير من المهام الاجتماعية.
وإضافة إلى ذلك فإن ذلك القرار الحكيم سيسهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تقليل الهدر المالي المترتب على استقدام السائقين، كما أن الكثير من العوائل ستتخلص من الأعباء المالية المترتبة على استخدام شركات النقل الخاصة، فضلا عن تقليل الحوادث المرورية التي تتعرض لها المعلمات، وسيكون أمامها خيار قيادة سيارتها الخاصة أو الانضمام إلى زميلاتها، دون الحاجة إلى الخلوة بسائق غريب عنها.
وختاما أحمد الله وأشكره أن منَّ علينا بقيادة حكيمة رشيدة، تستند في قراراتها على المنهج الشرعي، مع مراعاة المصالح العامة للوطن والمواطنين، بما يحقق لهما حياة رغيدة، ليسهموا في بناء وطنهم في المجالات كافة.
كما أسأله سبحانه أن يحفظ علينا ولاة أمرنا على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز-حفظه الله ورعاه-، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع– حفظه الله ورعاه-، ويمدهما بالصحة والعافية، والعون والسداد والتوفيق، ويوفقهما لخدمة الوطن والإسلام والمسلمين، ويبارك في جهودهما، ويسدد آرائهما وأعمالهما وتوجيهاتهما على الحق والهدى، وأن يديم على وطننا الغالي نعم الأمن والأمان والاستقرار والوحدة الترابط والتلاحم بين الراعي والرعية، وأن يتم علينا نعمه ظاهرة وباطنه، ويحفظنا من كيد الأعداء والحاقدين والحاسدين.
د. محمد بن عبد الواحد المسعود
وكيل معهد خادم الحرمين الشريفين لدراسات
الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
وأستاذ الأدب المساعد
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية