أسطر في مقالي هذا كلماتٍ تشير إلى جهود وطني في تعزيز الأمن الفكري وتجريم الجماعات والأحزاب المعاصرة المنتسبة للإسلام زوراً وعدواناً، تلك الجهود التي تحظى دائماً بتوجيهات كريمة من ملك الحزم والبطولة والمجد صاحب النظرة الثاقبة بعيدة المدى أكيدة الأثر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- يحفظه الله-، والتي يتبناها سمو سيدي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان- يحفظه الله- بخطط مدروسة بعيدة عن التنظير المقتول بالترك وعدم الممارسة الفعلية، والمتابعة المخطط لها بخطط تحير العدى إدراكاً من سموه الكريم لأهمية تعزيز الأمن الفكري بأنواعه، لحماية العالم محلياً وإقليمياً ودولياً من شر التحزبات والجماعات الضالة. وهو بلا شك أحد أبرز العوامل التي تسهم في الوقاية من الجريمة، ومجابهة الانحراف الفكري والمشكلات الأمنية التي تؤثر على تنمية وتقدم المجتمع؛ حيث يشكل الغزو الفكري والثقافي المبثوث في المنهج الحركي التوجيهي لهذه الجماعات خطراً على أمن الإنسان في مختلف الدول، وبخاصة الدول العربية والإسلامية .
وتبذل المملكة العربية السعودية- للحد من الغزو الفكري الضالّ المضلّ- جهوداً مقدرة ومتواصلة لمكافحة مخرجات هذا الفكر الفاسد ممتد الجذور عبر التاريخ، مما يجعل من المملكة العربية السعودية قوة مؤثرة لا يمكن تجاهلها على المستويين المحلي والدولي من خلال التعاون الدولي البنّاء مع مختلف الجهات الأمنية والأكاديمية حول العالم في ذلك .
ويشهد لذلك الدعم المتتالي من المملكة العربية السعودية بتوجيه من ولاة أمرها، ومن ذلك الدعم الذي تقدمه المملكة للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب؛ فقد كانت المملكة العربية السعودية هي الداعية إلى إنشائه في فعاليات المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في مدينة الرياض في العام (2005م) فدعمته في عامها الميمون ذلك بمبلغ عشرة ملايين دولار؛ لتكون الدولة الأولى المبادرة في دعم المركز، ثم قامت بتفعيل هذا المركز بدعم بلغ (100) مليون دولار، مما جعلها الدولة الرائدة في (الأسرة الدولية) في مكافحة الإرهاب؛ ليسجل للمملكة العربية السعودية وللعالم الإسلامي سجل ناصع من العطاء والإنجاز في مكافحة الإرهاب .
وانتهجت المملكة العربية السعودية سياسة تطبيقية متوازنة تجاه ظاهرة الإرهاب، فركزت على الجانب العملي في المواجهة الميدانية والأمنية الحازمة، في حين ركز شقها الثاني العلمي على الجانب الفكري في التعامل مع المغرَّر بهم من خلال المناصحة الفكرية؛ لاستنقاذهم من براثن الفكر المنحرف .
وتؤدي الجامعات السعودية دوراً تكاملياً مع المؤسسات الأمنية في مكافحة الإرهاب، وقد سطرت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سجلاً من التميز والجودة في برنامجها (تعزيز الأمن الفكري من الجماعات والأحزاب والانحرافات ) بتحقيق الثقافة الوقائية العلمية للنشء من أخطار هذه الجماعات وآثارها السلبية .
ومن جهود الجامعة- من باب العد لا الحصر- في هذا المجال :
1- إدراج مقرر الأمن الفكري ضمن المقررات الأكاديمية للطلاب والطالبات .
2- إنشاء وحدة (التوعية الفكرية) التي تدعم الأنشطة والفعاليات والدورات الداخلية في الجامعة .
3- حثت الجامعة طلبة الماجستير والدكتوراه على دراسة ومناقشة هذه القضية من كافة أبعادها .
4- إضافة الطابع التقني والمخبري المتعلقة بالإرهاب على الوحدات العلمية .
5- تقديم المحاضرات العلمية في مختلف دول العالم في هذا المجال.
6- تقديم الندوات العلمية في المؤسسات الحكومية والخاصة الداخلية والخارجية .
7- النشر الإعلامي لعدد من الدراسات والتحقيقات واللقاءات الإقليمية والدولية .
8 - مشاركات الجامعة في المؤتمرات والندوات ذات العلاقة بالإرهاب محلياً ودولياً .
9 - عقد مذكرات التفاهم العلمي مع أميز وأبرز المؤسسات العلمية والأمنية على مستوى العالم .
10- التوجيه بتأليف الإصدارات العلمية في الجامعة لمناقشة قضايا الأمن الفكري ومواجهة الفكر الإرهابي المنحرف تحقيقاً لرسالة الجامعة في نشر الأمن بمفهومه الشامل .
11- دعم مبادرات كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الوحدة الوطنية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الداعمة للوحدة، وغيره من الكراسي العلمية .
وقد أكد التقدير المحلي والعالمي المؤسسي لجهود المملكة في مكافحة الإرهاب رجاحة ونجاح سياسة مملكتي الداخلية والخارجية في دعم العمل الدولي ومؤسساته العلمية، ممثلة بجامعتنا الرائدة بقيادة مديرها المخضرم في هذا المجال معالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل- حفظه الله - انطلاقاً من قيم الأصالة الدينية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية منذ نشأتها، وفق منهج الفلاح الذي رسمته لهم قيادتنا الرشيدة منذ عهد الملك المؤسســ يرحمه الله .
وأختتم مقالي المتواضع برفع الشكر لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ــ حفظهما الله ــ لما أولياه من دعم ورعاية لهذا الصرح العلمي الذي أضحى منارة للعلم والمعرفة عربياً ودولياً، ولرؤيتهما الثاقبة في اختيار الشخص المناسب معالي الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل- حفظه الله - وتوليته عظيم المهام والأعمال، سائلة الله تعالى أن يوفقكم لما فيه خير هذه الأمة، ويحقق غاية هذه الدولة الكريمة بتعزيز الأمن وتحقيق أهدافه وغاياته السامية .
المحاضرة / غيداء بنت عبدالعزيز الفيغاوي