تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 كلمة أ.د. عبدالله بن محمد المطوع - المعهد العالي للدعوة والاحتساب

مشروعية الاحتفاء باليوم الوطني

​إن الانتماء للوطن من المسائل الجبلية والفطرية والغريزية التي لا تحتاج برأيي إلى بيان حكمها أو تناولها من وجهة نظر شرعية كما فهم ذلك أغلب العلماء السابقين؛ فمن الطبيعي جداً أن يُحب الإنسان وطنه الذي نشأ على أرضه، وترعرع بين جنباته، وصار حاملاً لهويته، ومن الطبيعي كذلك أن يشعر الإنسان بالحنين الصادق لوطنه عندما يُغادره إلى مكانٍ آخر، فكل ذلك مما يدل فطرة وعقلاً على قوة ارتباطه بوطنه وصدق انتمائه إليه؛ فتلك فطرة فطر الله الناس عليها، وقد عدَّد الحافظ الذهبي رحمه الله محبوبات الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (وكان يحبُّ عائشة، ويحبُّ أَبَاها، ويحبُّ أسامة، ويحبُّ سبطَيْه، ويحبُّ الحلواء والعسل، ويحبُّ جبل أُحد، ويحبُّ وطنه..)، ويقول الشيخ محمد الألباني رحمه الله: (حب الوطن أمر غريزي، مثل حب الحياة، ومثل كراهية الموت..)، وقال الأصمعي رحمه الله: (إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوُّقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه).

ولقد كان نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام يتشوق للعودة لوطنه إذا سافر، فإذا نظر إلى جدران المدينة أوضَع ناقته، وإن كان على دابة حرّكها من حبها، رواه البخاري؛ حيث كان عليه الصلاة والسلام يسرع في مشي ناقته تشوقاً للوصول إلى موطنه، قال ابن حجر رحمه الله: (في الحديث دلالة على فضل المدينة، وعلى مشروعية حب الوطن، والحنين إليه).

وقد أفتى الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله بجواز حب الوطن، وإن على الإنسان أن يشجع على الخير في وطنه، وأن يسعى لاستقرار أوضاعه وأهله (مجموع فتاوى ابن باز، 9/317)، ورأى سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ جواز الاحتفاء باليوم الوطني، وقال: (الواجب أن يتحول هذا اليوم إلى يوم شكر لله، وتفكر بنعمه، وأن يحرصوا على شكر الله على نعمة الأمن والأمان) [عكاظ، 24/ 10/ 1432هـ].

إن الاحتفاء بالمناسبات الوطنية والتوعية بها وترسيخ غرس الانتماء الوطني لدى جميع المواطنين، وخصوصاً في فئة طلاب الجامعات والتعليم العام فهو أمر مهم؛ وذلك بعد أن غفل الناس عنها كثيراً على مدى عقود ماضية، ولعلنا نقول مجتهدين إن الاحتفاء باليوم الوطني والاحتفاء بالمناسبات الوطنية ليس له صلة بالنهي الشرعي الوارد عن اتخاذ أعياد غير عيدي الفطر والأضحى؛ فاليوم الوطني هو احتفال دنيوي لا يقصد به التقرب إلى الله تعالى حتى يكون مخالفاً، فهو استشعار وتذكير للجميع بما أنعم الله على هذا الوطن ومواطنيه من صفاء للعقيدة، وتحكيم للشريعة، ووحدة للكلمة، وانتشار للأمن في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهم الله، وفي هذه المناسبات الوطنية تتجدد البيعة لولاة الأمر، وتذكر فيها محاسنهم، وتبرز مآثرهم وفضائلهم وإحسانهم وعدلهم، ويُعرض فيها ما مرَّ على هذه البلاد في الأزمنة الماضية من الجهل والخوف والظلم والفرقة والضعف والهوان والفقر، فالاحتفاء باليوم الوطني وفق هذه الصورة مثله مثل الاحتفال بيوم المعلم، أو اليوم العالمي لمرض السكري، أو اليوم العالمي للتطوع، أو اليوم العالمي للدفاع المدني، أو التوعية بأضرار المخدرات، أو أسبوع المرور، أو أسبوع الشجرة، ونحو ذلك، فهي مناسبات دنيوية، ويقصد من ورائها توعية الناس بالمصالح العامة لهذه المناسبات

# اليوم الوطني _ السعودي 90#

# جامعة_ الإمام _ تحتفي _ باليوم _ الوطني 90

--
04/02/1442 11:35 ص
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ