تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 رجل مناسب . . في مكان مناسب . . في وقت مناسب

 
أ.د أحمد بن يوسف الدريويش

​حمداً لله على ما امتن به علينا من نعم جسيمة وآلاء عظيمة من أولاها نعمة الإسلام والإيمان والتوحيد والعقيدة الصحيحة والأمن والأمان والصحة في الأبدان ونعمة الولاية الراشدة، والقيادة الحكيمة . . وبعد:

من الأسس التي قامت عليها هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية والتي نص عليها نظام الحكم فيها أن دستورها ومصدر استمدادها، ونظام الحكم فيها (الإسلام) فالاحتكام في كل شؤونها الشرعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية والقضائية والعدلية إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-..  وقد ارتضاه حكامها سلفاً وخلفاً وعضو عليه بالنواجذ، وطبقوه قولاً وعملاً ومعتقداً، وعدّوه من الثوابت التي لا تقبل التغيير أو التعديل أو التبديل.. وبايعهم الرعية على ذلك.. واتخذوا هذا منهجاً لهم وأصلاً وأساساً لا يحيدون عنه، ولا يقبلون أي دعوة أو رأي أو فكر أو مناقشة تعارضه أو تقلل من شأنه أو تسعى إلى تغييره أو تبديله تحت أي مسمىً أو إطار أو دعوى أو شبهة..

وهذا لم يمنعها من التطور والنماء والأخذ بكل جديد مفيد من أنواع المعارف والعلوم التطبيقية والتقنية الحديثة.. حتى غدت بحمد الله دولة عصرية حضارية تجمع بين الأصالة والمعاصرة مطبقة لأحكام الدين وفق منهج وسطي معتدل متزن بعيدٍ عن التعصب والتطرف والحزبية المقيتة.. رائدة في مجال العلم والتقنية والتقدم والتنمية والمدنية.. ومضرب مثل في الأمن والأمان والسلم والسلام.. تقبل الحوار والتعايش السلمي.. وتنبذ الإرهاب والإفساد أياً كان مصدره أو نوعه أو شكله أو أسلوبه..

ولا شك أن هذا المنهج عزز من مكانة هذه الدولة في الداخل والخارج وأكسبها هيبة وقوة وصلابة في الحق وحزماً فيه .. من غير التفاف لإرجاف المرجفين وتشاؤم المتشائمين وحقد الحاقدين، وحسد الحاسدين.. أو النظر بعين واحدة للأحداث والقضايا والظواهر والمستجدات.. أو اعتماد أسلوب النقد الصريح والتحليل المشبُوه تجاه  واقع الدولة وحاضرها ومستقبلها..؟؟!!

فما زالت هذه الدولة المباركة ولا تزال متمسكة بثوابت الدين؛ بكتاب ربها وسنة رسولها  -صلى الله عليه وسلم- وسيرها على منهج سلف الأمة الصالح من الصحابة والتابعين.. وفق رؤية إسلامية واضحة ومنضبطة وصريحة وصحيحة.. نحسبها أنها محفوظة بحفظ الله، قوية بإيمانها ومعتقدها الحق، وسلامة أسسها وقواعدها وثوابتها ثم بعزيمة وهمة وحكمة وحذق وفطنة قادتها وحكامها يتلقى ذلك الخلف عن السلف ويسيرون وفق هذا المنهج الحكيم.. فإذا غاب قمر ظهر ولاح في الأفق قمر مثله.. وإذا أفل نجم سطعت أنجم أخرى متكافئة متوحدة على الخيرية، وعلى الاستقامة سائرة.. تُحَكِّمُ العقل والمصلحة العامة قبل العاطفة والمصلحة الخاصة.. هَمُّهَا أَمنُ العباد،  ومصلحة البلاد، واستقرار الحكم والنظام في الدولة.. باذلة الغالي والنفيس في سبيل ذلك.. وهو – كما أسلفت– مما قطع الطريق على كل مفسد وناعق ومرجف ومتشائم على مستقبل هذه الدولة وأمنها واستقرارها وسير الحكم فيها.. ودولة هذه صفاتها قائمة على شرع الله المبين، معتصمة بحبل الله المتين، حريصة على حفظ هذا الكيان الكبير في رفع راية التوحيد ووحدة الوطن ولحمة المجتمع.. حرية بالبقاء والاستمرار والوحدة والاتحاد ـ بإذن الله ـ فنعمة الأمن والأمان والاستقرار ورغد العيش الذي امتن الله به علينا في هذه البلاد الطاهرة المملكة العربية السعودية وشرفنا بها غالية وغالية جداً.. وذلك فضل من الله ومنّه.. ثم بتطبيق حكام هذه البلاد وولاة أمرها لشرع الله والتزامهم بحدوده، ووضعهم مصلحة الوطن والمواطن نَصب أعينهم وفي مقدمة أولوياتهم.. ثم بمحاولة القيادة الراشدة توخي جانب الأصلح والأفضل للناس قدر المستطاع..

ومن هذه القيادات المتميزة الرائدة الفذة الصالحة للوطن والشعب بل ولجميع المسلمين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز –حفظه الله- ملك المملكة العربية السعودية القائد الوفي الأبي والوالد الحنون على شعبه ووطنه.. ومن هذه الأمور التي تعود بالنفع على المجتمع كله صدور الأمر الملكي الكريم ذي الرقم أ/86 في 26/5/1435هـ بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز-أيده الله- ولياً لولي العهد ومبايعته على هذه الولاية وفق ما جاء في الأمر الملكي الكريم رجل المهمات رجل الدولة الحصيف المتمكن والسياسي البارع..

ذلك أنه وكما هو معلوم من الدين أن تعيين الولايات من صلاحيات ولي الأمر، فهو من  يختار لها الأَكْفَاء الأمناء، ويعيِّنهم فيها، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}. النساء/58. والأمانات في هذه الآية الكريمة تشمل الولايات والمناصب في الدولة جعلها الله أمانة في حق ولي الأمر، وأداؤها: اختيار الكفء الأمين لها، وكما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه وولاة أمور المسلمين من بعدهم يختارون للمناصب من يصلح لها، ويقوم بها على الوجه المشروع.. واختيار صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز –حفظه الله- ولياً لولي العهد من قبل خادم الحرمين الشريفين –أيده الله- أداء للأمانة التي أؤتمن عليه في وقت مناسب ومكان مناسب.. وإن هذا الاختيار يأتي تجسيداً للرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - في قيادة هذه البلاد المباركة بحكمةٍ وبُعد نظر واستشرافٍ للمستقبل.. بما يحقّق الأمن والاستقرار لأرض الحرمين الشريفين ومواطنيها بإذن الله تعالى..

وجاء في الأمر الملكي الذي بثته وكالة الأنباء السعودية الرسمية في هذا الشأن ذي الرقم: أ/86  والتاريخ 26/5/1435هـ، أن الأمر جاء "عملاً بتعاليم الشريعة الإسلامية، فيما تقضي به من وجوب الاعتصام بحبل الله والتعاون على هداه، والحرص على الأخذ بالأسباب الشرعية والنظامية، لتحقيق الوحدة واللحمة الوطنية والتآزر على الخير ، وانطلاقاً من المبادئ الشرعية التي استقر عليها نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، ورعاية لكيان الدولة ومستقبلها، وضماناً - بعون الله تعالى - لاستمرارها على الأسس التي قامت عليها لخدمة الدين ثم البلاد والعباد".

وكان لهذا القرار الصائب المناسب من قبل خادم الحرمين الشريفين أثر إيجابي في الأوساط العامة والخاصة والعلمية والأكاديمية والسياسية والاقتصادية.. وجاءت أصداء القرار واسعة وإيجابية على كل الأصعدة، كما نوه إلى ذلك سماحة مفتي المملكة العربية السعودية في كلمته بعد صدور الأمر الملكي حيث قال: إن قرار تعيين الأمير مقرن يؤكد اهتمام القيادة باستقرار هذا البلد المبارك وفيه بإذن الله تعالى من الخير والمصلحة التي ارتآها ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- لحفظ البلاد.. وقال سماحته: "إن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- يسعيان دائماً لمصلحة الأمة وتحقيق الخير والنماء لهذه البلاد الطاهرة، وفق قاعدة ثابتة تنبثق مخرجاتها مما ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وندعو الله العلي القدير أن يجعل ذلك في موازين حسناتهما ويجزيهما كل الخير على عملهما المخلص لوجه الله تعالى وأكد أن ما ورد في القرار الملكي من دعوة لمبايعة سمو الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً للعهد في حال خلوّ ولاية العهد، ومبايعته ملكاً للبلاد في حال خلوّ منصبيْ الملك وولي العهد في وقت واحد، يؤكد اهتمام ولاة الأمر باستقرار البلاد، وصوْن المجتمع السعودي المحافظ من أي أمور قد تؤثر عليه في حاضره ومستقبله..

إن قرار تعيين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز يدل دلالة واضحة على حرص القيادة -حفظها الله- على التنظيم والحفاظ على الوطن ومقدراته والسعي دوماً على رفاهية المواطن وسلامته؛ لأن مسيرة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز الحافلة بالإنجازات في جميع المناصب التي شرفت بتوليه لها، تؤكّد أنه أهلٌ لهذه الثقة الغالية من لدن القيادة الرشيدة، وخير مَن يتولى هذا المنصب الرفيع بما له من خبرات واسعة ودراية كاملة بالمجتمع وحنكة كبيرة بالتعامل مع التحديات والمستجدات كافة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي..

فقد كان قراراً موفقاً وضع الرجل المناسب في المكان المناسب؛ فالأمير مقرن رجل دولة بمعنى الكلمة، تشهد بذلك سيرتاه العملية والحياتية الثرّتين بخبراتهما وتجاربهما؛ هذا إضافة إلى شخصيته المحببة، حيث شهد له من خبروه وعاصروه بدماثة الخلق ولين الجانب والتواضع مع الحزم في مواقف الحزم والحسم في مواقف الحسم.. ومن أجمل ما يميز الرجل الكبير تواضعه وتقيده بالنظام واحترامه للوقت وللآخرين، وهذه الصفات من أهم ما يميز صاحب السمو الملكي الأمير مقرن.. فكان هذا القرار صائباً وحكيماً ليضع الأمير مقرن بن عبد العزيز بكل خبراته العملية والمعرفية المتنوعة وتجربته الثرة في الإدارة والتعامل المباشر مع هموم المواطنين من خلال مهامه الموكلة إليه..

إن الله تعالى وحده هو الذي يهب الملك لمن يشاء وينزع الملك ممن يشاء.. فعلى المسلم السائر على جادة السنة أن يدعو لولاة أمور المسلمين بالخير.. والصلاح.. والتسديد.. والإعانة.. والبطانة الصالحة.. ويحرص غاية الحرص على اجتماع الكلمة والسمع والطاعة بالمعروف للولاية والنصح لها..

وهذا الذي أكده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز –أيده الله- حيث قال أثناء لقائه بسماحة مفتي عام المملكة ـ حفظه الله ـ: أنا إن شاء الله أعاهدك أمام الله - عز وجل - قبل كل شيء، ثم سيدي خادم الحرمين الشريفين وسيدي سمو ولي عهده الأمين، والشعب السعودي أن هذه الدولة - إن شاء الله - ستظل متمسكة بالعقيدة السمحة ودستورنا هو القرآن الكريم وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم..

إنها معالم مهمة عند حكامنا وفقهم الله تعالى وسددهم تسر أعين أهل السنة وتغيظ أهل البدع.. مما يؤثر هذا على استقرار الدولة ووحدتها.. وقطع الطريق على كل حاقد أو حاسد أو مغرض أو مرجف أو طامع..

وإنني في هذه المناسبة السعيدة أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز –حفظهما الله- على هذا القرار الحكيم والاختيار الموفق وفق الضوابط والأسس الشرعية والنظامية.. والتهنئة القلبية الخالصة تمتد لمقام صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز –وفقه الله- على حصوله على هذه الثقة الغالية –التي هو بلا شك لها أهل- من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ورئيس وأعضاء هيئة البيعة ومن الشعب السعودي بكافة أطيافه.. ونظراً لتواجدي خارج المملكة في هذا الوقت حيث أعمل رئيساً للجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد ـ باكستان وعدم تمكني من الحضور شخصياً لمبايعة سموه الكريم في الأيام المحددة فإنني أبايعه على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى السمع والطاعة في المنشط والمكره..

سائلين الله له الإعانة والسداد والتوفيق والفلاح والسعادة في الدارين وأن ينفع به الوطن والمواطن والإسلام والمسلمين وأن يزيده توفيقاً وإلهاماً وأن يكف ويصرف عن بلادنا الفتن وأن يديم علينا الأمن والأمان والاستقرار..


أ.د أحمد بن يوسف الدريويش

رئيس الجامعة الإسلامية العالمية –إسلام آباد

1/4/2014م الموافق 1/6/1435هـ

--
22/08/1439 03:07 م
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ
    الأربعاء 09/06/1435 هـ 09/04/2014 م
    المصدر:الإدارة العامة للإعلام والاتصال
    التقييم:
    الكلمات الدلالية
    تعيين الأمير مقرن- ولي ولي العهد- رئيس الجامعة الإسلامية العالمية- الدكتور الدريويش