حب خير الأوطان
حب الوطن والفخر بالانتماء إليه والاعتزاز به مما فُطرت عليه الفطر السليمة، والعقول السوية، فمن الطبيعي جداً أن يُحب الإنسان وطنه الذي نشأ على أرضه، وترعرع بين جنباته، وصار حاملاً لهويته؛ فالوطن ظل وارف، وحضن دافئ، وذكريات هانئة.
بِلادِي هَواها في لِسَانِي وفي دَمِي ♦♦♦ يُمجِّدُها قَلْبي ويدعو لها فَمي
وما بالنا إذا كان هذا الوطن هو خير الأوطان.. المملكة العربية السعودية الذي نعتز بالانتماء إليها، فهو وطن عرف بصفاء العقيدة، وتحكيم شرع الله، ونشر العلم والدعوة، والمحافظة على مكارم الأخلاق، والخصال الحميدة، ورايتها تحمل كلمة التوحيد الخالدة، وتميز هذا الوطن بالمحافظة على الأصول والثوابت والمعاصرة في أمور الدنيا، وهذا الوطن العظيم يقوم على أرض "جزيرة العرب" التي حباها الله تعالى بخصائص فريدة لا توجد عند غيره من الأوطان؛ فهي مهد الإسلام، ومنطلق الرسالة الخاتمة المهيمنة على جميع الشرائع والرسالات السابقة لها، وفيها ولد خير البشر محمد بن عبد الله e، وفيها بعثه الله وأرسله للناس جميعاً، كما أن فيها أعظم البقاع وأشرف الأماكن في الأرض؛ ففيها المسجد الحرام أول بيت وضع للناس، جعله الله مثابةً للناس وأمناً، قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)، وفيها طيبة الطيبة مهاجر رسول الله e ومستقره، التي بها مسجده عليه الصلاة والسلام ذو المرتبة التالية للمسجد الحرام، وفي صعيدها الطيب وُري جسده الشريف e، كما اختصت جزيرة العرب بأن الله عز وجل اختار لغة أهلها لتكون لغة لأعظم كتبه وأشرفها وخاتمها، قال سبحانه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، وهذه الخصائص العظيمة وغيرها جعلت لأرض هذا الوطن (وهذه الجزيرة) أهمية وفضلاً منذ فجر الإسلام، وفي العصور الأخيرة اهتمت الدولة السعودية منذ بدايات نشأتها الأولى بخدمة الإسلام والمسلمين، وأولت ذلك حيزاً كبيراً من اهتماماتها، ولم تزل ولله الحمد على ذلك بقيادة ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة وبتأييد من علمائها الثقات.
إن هذه الخصائص والعراقة والأبعاد لهذا الوطن "المملكة العربية السعودية" وبقيادة ولاة الأمر فيه منذ تأسيسه على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله، ومروراً بمن جاء بعده من ملوك وحكام – رحمهم الله- حتى العهد الحالي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبتأييد من سمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظهم الله ورعاهم – كل ذلك مما يجعل كل منتمٍ لهذا الوطن يستشعر عظم هذه الخصائص والنعم التي حباها الله تعالى لهذا الوطن العظيم؛ ولذا فينبغي مقابلة هذه النعم بالإخلاص في شرف هذا الانتماء، والقيام بخدمة مصالحه وحماية مكتسباته والذود عنه والمحافظة على أمنه.
أ.د. عبدالله بن محمد المطوع