ذكرى يوم التأسيس السعودي تسافر بنا إلى بدايات تأسيس اليمامة على ضفاف وادي حنيفة، ثم التحاقها بالدولة النبوية عند ظهور الإسلام، وما تلى الخلافة الراشدة من تزعزع للاستقرار في جزيرة العرب. لقد كانت الجزيرة العربية على موعد تاريخي وحقبة زمنية جديدة مع الوحدة وبناء الإنسان، بدأت في عام 1139هـ بتأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود رحمه الله، ثم الدولة السعودية الثانية ومؤسسها الإمام تركي رحمه الله، ثم الدولة السعودية الثالثة عام 1319هـ وتوحيدها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز باسم المملكة العربية السعودية. هذا الامتداد التاريخي هو محل امتنان وشكر في النفس لله سبحانه وتعالى ثم لولاة أمر هذه الدولة المباركة على دحر الفوضى التي كانت مسيطرة على أركان الجزيرة العربية وجمع شتات أبنائها، وإرساء مقومات التطور الحضاري للدولة ودعم الازدهار والبناء.
ذكرى يوم التأسيس هي فرصة سانحة لنا ولجميع أبناء وبنات هذا الوطن نرسم من خلالها أجمل صور الانتماء والتلاحم مع القيادة الرشيدة أمام العالم، وإظهار مشاعر الفخر والاعتزاز بالانتماء الوطني لهذا الكيان العظيم، مستحضرين فيه كل الجهود التي بُذلت على يد حكام هذه الدولة المباركة منذ تأسيسها في خدمة الإسلام والمسلمين، وتحقيق خطوات متقدمة في التنمية والإعمار، وتعزيز سُبل الأمن والرخاء والازدهار، حتى أصبحت المملكة العربية السعودية تُضاهي الدول المتقدمة في كثير من المجالات والمؤشرات العالمية.
إن المتأمل لمسيرة المملكة العربية السعودية خلال الثلاثة قرون الماضية، ليدرك بأن ركيزة استمراريتها وبقائها لم يكن محض الصدفة، بل هو نتيجة لفضل الله عليها أولاً ثم لما قامت عليه من ترسيخ لمفهوم التوحيد، ونبذ العنف والتطرف والفكر المنحرف، وتطبيق الشريعة الإسلامية، والحنكة السياسية لولاة الأمر في التعامل مع مختلف القضايا العالمية، وتقديم مصالح الأمتين العربية والإسلامية، والعناية بالمواطن وتجنيد كل الإمكانيات لخدمته ورعايته. مما كان له بالغ الأثر على المستوى المحلي في نفوس أبنائه، ومحققاً لصدى واسع على المستوى الدولي واضعاً المملكة العربية السعودية في مكانة تنافسية ذات ثقل تاريخي وسياسي واقتصادي. سائلين المولى عز وجل أن يمن على وطننا المملكة العربية السعودية بالمزيد من التقدم والرقي، في ظل قيادتها الحكيمة، وأن يجزيهم عن شعبهم والأمة الإسلامية خير الجزاء.