الحمد لله الذي خصَّ هذه البلاد وأهلها بقدسية المكانة وسمو الرسالة، واختارها موئلاً للإسلام ومنارةً للهداية ومهبطاً للوحي ومهوىً للأفئدة، وشرفها بخدمة الحرمين الشريفين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله، خير من جسّد معاني العزّة والكرامة، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ففي هذا اليوم الوطني الخامس والتسعين، نقف بفخرٍ واعتزاز لنستحضر مسيرة التوحيد التي أثمرت للملكة العربية السعودية حاضرًا زاهرًا ومكانةً سامقةً مرموقة على مستوى العالم قاطبةً..
في هذا اليوم المبارك الميمون نتذكر فيه قصة توحيد الوطن من شماله وجنوبه وشرقه وغربه ووسطه في لوحةً حضارية بديعة قلَّ أن يوجد اتساق في العالم مثل ما نشهده في مملكتنا من تنوع ووحدة والتحام، نتذكر في هذا اليوم أن ما نعيشه من أمنٍ وازدهارٍ واستقرار، هو امتداد لتلك اللحظة التاريخية التي وفق الله فيها الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ لتوحيد الوطن على أسسٍ من الدين، والقيم، والعدل، والاحترام. هذا اليوم ذكرى الخامس والتسعين من توحيد بلادنا المباركة والذي يحمل شعار "عزّنا بطبعنا" تعبيراً عن الأصالة وإشهاراً لحقيقةٍ راسخة بأن طبع السعودية وقيمها ومنبع قوتها كونها تستند إلى موروثٍ أصيل في الدين والمروءة، وتنتمي لقيمٍ متجذرة من الكرم والشجاعة والعطاء، وأنها تتسم بخصالٍ نبيلة في احترام الآخر والتواصل البنّاء مع العالم. قيمٌ متوارثة جعلت السعودي مضرب المثل في الوفاء والإقدام والجود، ومصدر ثقة في كل محفل وميدان.
إن هذا اليوم يذكّرنا بأن عزتنا في تنوعنا الثقافي، وفي قدرتنا على أن نصنع من هويتنا الراسخة جسراً للتواصل الحضاري، وأن نُظهر للعالم أن ثقافتنا الوطنية بأبعادها الفكرية والاجتماعية والإنسانية هي أساس قوتنا ونهضتنا. فالسعودي بطبعه الأصيل يوازن بين التمسك بدينه وموروثه والقدرة على مواكبة العصر، بين الاعتزاز بهويته والانفتاح باحترامٍ على الآخرين، وبين المحافظة على قيمه والريادة في ميادين العلم والتنمية.
إنها مسيرة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ويجدد ألقها ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظهما الله-، لنمضي بوطننا نحو آفاقٍ جديدة من التميز والريادة، مرتكزين على عزتنا بطبعنا وثراء تنوعنا، وماضين بعزيمة وثّابة نحو مستقبلٍ أكثر إشراقًا وازدهارًا.
حفظ الله وطننا الغالي، وأدام عزّه وأمنه، وبارك في قيادته وشعبه، وجعل يومنا الوطني رمزًا دائمًا للفخر والاعتزاز، ودروسًا خالدةً في التماسك والعطاء والوحدة.