تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 نعم هو يومٌ .... أصله ثابت .... وفرعه في السماء

قد جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله بأن يكون يوم(22  فبراير) من كل عام يوماً لذكرى يوم تأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس) جاء اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود رحمه الله قبل ثلاثة قرون، جاء هذا اليوم رسالة لأجيال اليوم وأحفاد المستقبل ويؤكد أن بريق حياتنا المعاصرة إنما هو انعكاس لوهج جوهر التأسيس الثمين فليحافظوا عليه وليفخروا به، وجاء هذا اليوم رسالة لأقام المفكرين والمثقفين والإعلاميين أن تستلهم أقامهم هذه العراقة الأصيلة وهذا العبق النفيس وأن تأخذ من مداده سطوراً تدونها للمستقبل وتحكيها للعالم.

إن يوم التأسيس يوم فريد ليس كبقية الأيام الأخرى، بل إنه يهيمن عليها فيما تحقق لهذه الأمة التي عادت إليها منزلتها منذ أن انتقلت عاصمة الخافة خارج الجزيرة العربية في القرن الأول الهجري، إنه يوم قد ضرب أطنابه في الأرض، ورفع عماده في السماء، كالكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، لقد ظهرت فيه عبقرية الإمام محمد بن سعود في قراءة المستقبل والاستفادة من الموروث في صناعة نسيج التأسيس ليكتب الله له البقاء وطول الأمد، هذه العبقرية تجلت في طيب الغراس الذي لم ينقطع فلازال يثمر وينتج رغم التحديات، ومما يدل على القبول لهذا الإمام محمد بن سعود وتوفيق الله له أن كثيراً من المبدعين والعباقرة في العالم قد زالت أعمالهم ومشرعاتهم خال عقود يسيرة لعدم بناء التأسيس على أرض ذات قرار ومعين، بينما نهضة الإمام محمد بن سعود بالتشييد والتأسيس جاء على نور وبرهان من الله فتبارك المنشأ وتباركت الثمار، فنحن اليوم نحصد الاستقرار والتمكين، ونسأله الله من واسع فضله بالمزيد، إن عناية خادم الحرمين الشريفين أيده الله وولي عهد الآمين بهذا اليوم وتخليده له عمل جليل نحن بحاجة إليه اعتزازاً بالأصالة والتاريخ المجيد، ثلاثمائة سنة فيها من كريم التضحيات والجهود والكفاح والصبر، ثلاثمائة سنة كان فيها من بذل الأعمار وغرس الطموح والأحلام لبناء المستقبل، إنها السواعد المتينة التي تتحطم عليها الصخور، فلا تهزل ولا تضعف، ولا تهرم بل تتجدد، ولم تكن هذه النهضة لولا هذه النوعية من العزائم والرجال، إن القارئ للتاريخ ليعلم أن من بعد مراحل الخافة في التاريخ الإسلامي لم يكن للجزيرة العربية أي ذكرى، أو أي مشهد تتسلط عليه الأضواء عدا النزاعات القبلية والفناء والدمار، والفقر المدقع، والأمراض التي أفنت القبائل العربية، فكأن أقلام المؤرخين عزفت عن تسجيل تلك الصفحات المظلمة لما فيها من وحشة، ومآسي تدمي القلوب، لقد كانت هذه الصورة القاحلة تغطي الجزيرة العربية حتى جاء نصر الله في عام (1139 هـ) بعزيمة بعثها الله في قلب هذا الأمير الشاب محمد بن سعود رحمه الله ليتنفس روح العزيمة و الشموخ ويعلنها دولة جديدة أبية (أمارة الدرعية) نواة الدولة السعودية، استنهض عزيمته، استنهض أسرته، استنهض أتباعه، تحمل المسؤولية، وسعى لتأسيسها، وعناية الله ترعاه وترعاها حتى أنبتت وآتت ثمارها للطاعمين من العالمين، كانت رؤيته للمستقبل عميقة استخدم لها أدوات ماهرة، فتح ذراعيه لاحتضان الراحلين إليه، بذل المصالحة مع المتصالحين، بذل السيف والقوة وعرضة الخيل رقصة الموت أمام جيوش المعاندين والمحاربين غير مبالٍ بكثرتهم فأصابهم الرعب من المنظر قبل أن يلتقي الجمعان. هذا الإمام محمد بن سعود رحمه الله جعل التاريخ يلتفت إلى الجزيرة، جعل التدوين يعود من جديد يحكي سيرتها، وهاهم أحفاده يقارعون وينافسون دول العالم في قمة العشرين(G20) ينافسون العالم في الطاقة والمال والعلوم، فأصبحت دولة تخطب ودها الدول، تتواصل معهم جميع القيادات من مطلع الشمس إلى مغربها، فلا نصبح في يوم ولا نمسي من ليلة إلا والأقلام والإعلام والتاريخ يكتب أمجاداً ويسطر مآثر ومنجزات هذا الدولة العظيمة، طاب غرسها، وطاب الغارس، وطابت الثمار، وواجب علينا أن نبتهل إلى الله مطلع كل يوم أن يبارك قادتنا ويجزيهم وأجدادهم الأئمة الأمراء خير الجزاء على ما تحملوه من العناء لصناعة هذا الكيان الراسخ الخالد بإذن الله، وواجب علينا أن نحافظ عليه وأن ندين له بزكي الولاء والطاعة، وشاهت وجوه الحاقدين، والله من وراء القصد.


د. عبدالله بن ثاني

وكيل الجامعة لشؤون المعاهد العلمية

--
21/07/1443 01:44 ص
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ