يوافق يوم 22 فبراير من كل عام حدثا تأريخيًّا مهمًّا، يوافق الذكرى السنوية الخالدة لتأسيس الدولة السعودية العظيمة، اعتزازًا بالجذور الراسخة لدولتنا المباركة، واحتفاء بعراقة تاريخها، وشموخ بنيانها، ومتانة أرثها، وعمق حضارتها، والارتباط الوثيق بين مواطنيها وقادتها منذ ثلاثة قرون على يد الإمام المؤسس محمد بن سعود -رحمه الله- الذي بنى دولةً مجيدة، وحكمًا رشيدًا، وكيانًا عظيمًا، طيِّبٌ غرسُه، راسخةٌ جذورُه، مثمرةٌ أغصانُه، يانعةٌ ثمارُه.
حدث تأريخي فريد في تأريخ العالم العربي كله، تأسست فيه دولة عريقة على مساحة شاسعة من أراضي الجزيرة العربية، وأصبحت أول دولة ناشئة في جزيرة العرب منذ العهد النبوي، وعصر الخلافة الراشدة، دولة قائمة على منهج الأمة الخالد: كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ.
كانت الجزيرة العربية قبل التأسيس تعيش في فوضى سياسة، واختلال مجتمعي: تناحر وحروب، وفرقة وشتات، واضطراب وقلاقل، وجوع وخوف، فقيَّض الله سبحانه لها الإمام المؤسس الذي اجتمعت عليه القلوب؛ فتوحدت القبائل تحت رايته: راية التوحيد الخالدة، فأنشأ دولة عظيمة، وضع لبنتها، وأسس ركيزتها، وحقق وحدتها، ولَمَّ شملها، وجمع شعثها، وأمَّن سبلها، فأُخمدت الفتن، واستتب الأمن، وتوطد الحكم، واستقر البنيان، بتوفيق الله وحده، ثم بجهوده الحثيثة، ويقظته الدائمة.
جعل الإمام المؤسس -عليه رحمة الله- دستور هذه الدولة الناشئة، والكيان الفتي: القرآن الكريم، وسنة النبي ﷺ؛ فانعطفت إليه قلوب الناس، وأيَّدوا أفعاله، وباركوا أعماله، فاستقرَّ بناء الدولة، وازدهر اقتصادها، واستقلت سياستها، واستتب أمنها، وأمن خائفها، وانقمع عدوها، وخمدت نار فتنها، فعاش الناس في أمن وأمان، ودعة واطمئنان.
ومنذ ذلك التأريخ المجيد، وتلكم الحقبة الخالدة، وإلى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -أيَّده الله بعونه وتوفيقه-، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس الوزراء، وعراب رؤية السعودية 2030، ونحن نشهد في مملكتنا الغالية عصرا ذهبيًّا، وتطورًا مذهلًا ومتسارعًا للتنمية الشاملة في جميع المجالات، أقرَّت فيه عددًا من خطط التنمية المستدامة، وجاءت رؤية السعودية 2030 لتكون تتويجًا شاملًا لتلك الخطط، مقدمة نموذجًا مثاليًّا، وصورة زاهية براقة على وضوح رؤية القيادة، وعلو هِمَّتها، وبُعد نظرها.
دولة عظيمة ذات مكانة مرموقة بين دول العالم، ومحرك رئيس لاقتصاده، ومنارة خير واستقرار، وركيزة إشعاع للعالم كافة، وما هو بغريب عليها وهي تتمتع بعمق تاريخي وثقافي وحضاري لا يكاد يتوافر في كثير من دول العالم اليوم.
إن هذا المنجز الكبير، وذاك التأسيس الخالد، وتلك القرون الثلاثة التي تحكي تأريخ هذه الدولة التليدة والفتية ليُوجِّه رسالة واضحة لأجيال اليوم، وأحفاد المستقبل بأن يحافظوا على هذا الكيان العظيم، ويفاخروا به، ويدافعوا عنه، ويصونوا مُقدَّراته، ويبذلوا كل غال ونفيس في سبيل الحفاظ عليه، والدفاع عنه.