تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 اعداء الوطن

 

​الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد فقد كان الناس قبل الإسلام  في جاهلية من سماتها التفرق والاختلاف والتحزب والتعصب والبغضاء والشحناء والنفرة من الطاعة  فهدى الله بهذا الدين وبسيد المرسلين الناس هداية عظيمة واخرجوا من الظلمات الى النور وهدوا الى الطيب من القول والى صراط مستقيم وأمرهم الله جل وعلا بالاجتماع والطاعة ونهاهم عن  التفرق والاختلاف والعصيان، جاء في التنزيل العزيز قول الله جل وعلا: ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما ولينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه).. الآية ، وقوله :(ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) وفِي السنة المطهرة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكت به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي ) وقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه في موعظة بليغة (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)..الحديث،  فكتاب الله عز وجل هو العاصم من التفرق والاختلاف قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وقال تعالى: (وما آتَاكُم الرسول فَخُذُوه وما نَهَاكُم عنه فَانتَهُوا) والعالم يعرف حدوده وأحكامه، وغير العالم أمر بسؤال العالم قال تعالى:( فاسألوا أهل الذكر إن كُنتُم لا تعلمون ) فقد أمر الله من لا يعلم بالرجوع الى العلماء في الحوادث والخطوب كما امر الله جل وعلا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أَطِيعُوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) وأمر برد كل ما تنازع الناس فيه إلى الله ورسوله فقال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) يعني : الى الكتاب والسنة وقال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ومعنى ذلك ان من يعصي الرسول فقد عصى الله وفِي صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني ) فطاعة الله واجبة، وطاعة الرسول واجبة، وطاعة ولي الامر واجبة في غير معصية.قال النووي رحمه الله : "أجمع العلماء على وجوب طاعة الأمراء في غير معصية" . وإن أعظم النعم على العبد أن يكون على السنة يهتدي بهديها ويعض عليها بالنواجذ في عبادته وفِي معاملته وفِي أمره كله.

وكم بلي الناس الْيَوْمَ بمن ظاهرهم النصح والإصلاح وباطنهم ليس كذلك مما تظهره فلتات ألسنتهم، أولئك الأعداء، ولا يظننّ ظانٌّ بأن من أقسم على نصحه فهو ناصح، فمن قبل ادعى إبليس ذلك، وبيان ذلك في قوله تعالى: ( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) وكم ممن يدعي الإصلاح الْيَوْمَ  وهو من المفسدين قال تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا إنما نحن مصلحون)، وقال تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد)،  قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ( إن أول نفاق المرء طعنه على إمامه) وفِي شرح السنة : "اذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة ان شاء الله" .وكم نحن بحاجة شديدة بل ضرورة ملحة إلى التحذير ممن يحتكمون اليوم الى أهوائهم وآرائهم وظنونهم وانتماءاتهم ومصالحهم  وإلى التحذير من كذبهم وغشهم وخداعهم وبغيهم وظلمهم وعدوانهم وزخرف قولهم . أولئك أعداء الدين و الوطن العابثون بأمنه الساعون إلى الفساد. المعطلون للعمل بنصوص الشرع البينة الواضحة في السمع والطاعة ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم.

إن في القران العظيم شفاء وهدى ، ونور ورحمة ، ونجاة وعصمة ، وموعظة وحكمة، وما شقي من شقي  الْيَوْمَ الا بضعف التمسك به والاحتكام اليه وَلَوْ تمسكوا بالكتاب واحتكموا إليه  لهدوا إلى الصراط المستقيم قال تعالى: (لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم، ويقولون آمنا بالله وبالرسول واطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين، وإذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون، وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ، أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون، إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم  أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون).

إن المسلم الحق ثابت على دينه مطيع لله ولرسوله ولمن ولاه الله أمر المسلمين، والناصح لنفسه يتعاهدها بحفظ هذا الأصل العظيم الذي فرط فيه من فرط ممن باعوا دينهم بعرض من الدنيا واتبعوا أهواءهم وشهواتهم ، فوقعوا في شر وبلاء وضاروا في مجتمعات المسلمين ، أولئك هم الدعاة إلى النار جاء في صحيح البخاري من حديث حُذيفة رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة ان يدركني فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله: صفهم لنا، فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.

وفي الدولة السعودية : دولة التوحيد والشريعة، كم يسعى أعداؤنا إلى نقض وحدتنا ولحمتنا وأمننا واجتماعنا ولكننا بالله معتصمون، ولسنة نبينا صلى الله عليه وسلم متبعون، وتحت قيادة رشيدة مجتمعون، قيادة تحكم بشرع الله وترعى الحرمين وتعيش هموم المسلمين وتنصر قضاياهم، ولها من المآثر والفضائل والمحاسن ما لا ينكره إلا أعمى البصر والبصيرة، ولا يزيدنا مكر الأعداء -ولله الحمد والمنة والفضل- إلا تماسكا واجتماعا وتوحدا والتفافا حول قيادتنا وولاة امرنا. 

فموتوا بغيظكم أيها الأعداء، وموتوا بغيظكم يا دعاة الشر والفتنة والبلاء، فنحن في هذه الدولة السعودية نرجع عند الحوادث والخطوب إلى علمائنا الراسخين علماء الكتاب والسنة وقد صدر عنهم بياناً شافياً وافياً وقد أمرنا بالرد إليهم قال جل وعلا: (وإذا جاءهم امر من الأمن او الخوف أذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا). 

حفظ الله إمامنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وحفظ الله ولي عهده الأمين محمد بن سلمان، وحفظ الله علماءنا الراسخين ورجال أمننا المخلصين وأدام عز هذه الدولة وكفاها شر الأعداء إنه سميع الدعاء.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

 

 

أ. د. عبد الله بن إبراهيم اللحيدان -  المعهد العالي للدعوة والاحتساب

 


--
22/08/1439 03:21 م
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ