د. محمد بن سعيد العلم
وكيل الجامعة للتبادل المعرفي والتواصل الدولي
لقد تشرفت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بقبول مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله - منحه شهادة الدكتوراه الفخرية في "العلاقات الدولية وتحقيق مبادئ الأمن والسلام"، وذلك انطلاقاً من إيمانها بالدور الريادي الذي يقوم به - حفظه الله - في خدمة العلاقات الدولية وتحقيق مبادئ الأمن والسلام في العالم. وهذا القبول يدل دلالة لا شك فيها على اهتمام ولاة الأمر – حفظهم الله - وثقتهم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لما تشكله من امتداد تاريخي وعلمي منذ عهد -المغفور له بإذن الله– الملك عبدالعزيز عندما كانت المعاهد العلمية نواتها في جميع أرجاء المملكة، وما لبثت بدعم ولاة الأمر –حفظهم الله- حتى قويت واستوت على سوقها لتصبح جامعة الإمام امتداداً ومرجعاً لها.
من الجدير بالعناية أن نستحضر ما قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله- من أعمال نبيلة وجهود جليلة في دعم الأمن والسلام العالميين، ونشر القيم الانسانية السامية حول العالم؛ الأمر الذي شهد به العديد من شعوب العالم وقادتها وعلمائها ومفكريها على اختلاف ألوانهم وأديانهم ليصبح بحق ملك الإنسانية ورمزها؛ بما يعزز دور المملكة العربية السعودية محلياً، وإقليمياً، وعالمياً، إضافة إلى سعيه المستمر في توطيد العلاقات الدولية بين الأمم والشعوب، فضلاً عما قدمه خلال مسيرته الحافلة بالمنجزات المادية والمعنوية من محاربة ومكافحة للإرهاب بشتى صوره وأشكاله، وتبنيه ودعمه قيم ومبادئ الحوار الثقافي والحضاري، وهذه الشهادة الفخرية ما هي إلا تعبير بسيط عن بالغ التقدير والعرفان بدوره الإنساني في خدمة الإسلام والمسلمين، ولمواقفه المشهودة في دعم القضايا الإسلامية والإنسانية وخدمته لأمته وشعبه.
إن قبول خادم الحرمين الشريفين منحه هذه الشهادة الفخرية يحوي بين طياته معانيَ جليلة، وبخاصة أنها من جامعة عريقة برؤيتها ورسالتها وأهدافها التي شملت الدين والملك والوطن والمواطن، وسعيها الدؤوب بكل ما أوتيت من مصادر معرفية وكوادر علمية إلى ترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال. وبتوفيق الله الذي سخر لهذه الجامعة المباركة ولاة أمر يولونها اهتمامهم، فقد أضحت منارة علم لا تغرب عنها الشمس في أصقاع العالم بفروعها ومعاهدها الخارجية، كيف لا وهي السباقة دوماً إلى دعم وتبني مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –يحفظه الله- وذلك من خلال أنشطتها العلمية المختلفة في الداخل والخارج التي بينت وسطية الإسلام وعدله ونبذه لجميع أشكال العنف والتطرف ودعوته للحوار والإقناع بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوضيح دور المملكة العربية السعودية تجاه الإرهاب وتفنيد كل ما يروج من أكاذيب وتهم باطلة لا أساس لها من الصحة.
إن الذي يتابع جهود الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله- في ترسيخ ثقافة الحوار والتسامح بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة ليلاحظ أنها انطلقت من مكة المكرمة مهد الدعوة، وتجاوزت بعد ذلك القارات؛ لتعكس صدق مبادرته الإنسانية في نشر السلام والتعايش والاحترام والمحبة والتآلف في العالم، وجامعة الإمام ممثلة بمعالي مديرها الأستاذ الدكتور / سليمان بن عبدالله أبا الخيل لا تفتأ تستجيب لمبادرات الملك عبدالله في تفعيلها ونقلها للواقع بما تملكه من فروع خارج المملكة العربية السعودية؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر، نظمت جامعة الإمام ممثلة بمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات بالتعاون مع مركز دراسات الأديان التوحيدية بجامعة دوشيشا في طوكيو باليابان مؤتمراً دولياً بعنوان "صناعة السلام بلغة الحوار" خلال الفترة من 23-24 /12 /1432هـ في العاصمة اليابانية طوكيو بمقر المعهد العربي الإسلامي التابع للجامعة.
وجهوده –حفظه الله ورعاه- في مجال التعليم ودعمه للعلماء تضيق بسردها هذه المساحة، إلا أنني أذكر منها بعض الأمثلة، ومنها تضاعف عدد الجامعات منذ مبايعته للحكم من إحدى عشرة جامعة إلى سبع وعشرين جامعة، ولا يخفى على أحد برنامج الابتعاث الذي اقترن باسمه -حفظه الله- وتجاوز أعداد مبتعثيه المئة وخمسين ألف في أكثر من ثلاثين دولة حول العالم، ولم ينس –حفظه الله- دور المرأة المهم وبخاصة في هذا العصر، حيث أتاح لها فرصاً جوهرية ومهمة في مناصب قيادية في إطار القيم والتعاليم الإسلامية السمحة، وإنشاءه لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن التي تعد من أكبر الجامعات للبنات في العالم ما هو إلا إدراك منه بضرورة تعليمها ومشاركتها في بناء هذا الوطن المعطاء.
ولا يسعني إلا أن أدعو الله –عز وجل - أن يمدّ في عمر ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله- لخدمة أمتيه العربية والإسلامية، وأن يظل نبراساً يضيء العالم أجمع بمبادراته وأفعاله الإنسانية التي تعكس صورة الإسلام الوسطي المعتدل، وأن يبارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لتبقى منارة علم يقتدى بها في خدمة الدين ثم المليك والوطن.