في أول الميزان الثالث والعشرين من شهر سبتمبر يصادف اليوم الوطني السعودي، وذلك عندما أعلن المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود توحيد المملكة العربية السعودية بعد صراعٍ دام 32 عامًا، خاضت خلالها تلك الدولة رحلةً عصيبة فتوحدت أرجاؤها واجتمعت كلمتها تحت راية التوحيد، وبدأت بالعمل على المشروعات التنموية من أجل النهوض والرقي بها.
إنه إنجاز أمة قامت برحلةٍ تقترب من قرنٍ من الزمان سطرت خلاله سجلًا حافلًا بالإنجازات على كافة الأصعدة، فتحولت من دولة صحراوية تعاني الفقر والجهل والمرض، إلى دولةٍ متقدمة متطورة تسعى نحو التنمية الشاملة وتعمل على تقديم وتوظيف كافة الاحتياجات وتُسهِّل كافة الإمكانات والطاقات نحو التقدم وتحقيق المستقبل الزاهر لأبنائها.
ويقينًا من حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز و ولي عهده الأمير محمد بن سلمان-حفظهما الله- بقدرات هذا الوطن وطموح شبابه وامتلاك الإمكانات والعوامل التي ترتقي به ليكون وطنًا قويًا زاهرًا، وطنًا دستوره الإسلام وكتابه القرآن وسنة نبيه ومنهجه الوسطية، وطنًا يعمل على البناء والنجاح -معتمدًا على ثلاثة محاور: مجتمع حيوي، واقتصاد مزهر، و وطن طموح- تحت شعار (رؤية 2030)، وتلك رؤية أمة طموحة تسعى للإنجاز وتحقيق الأهداف والآمال وترسم التطلعات مستندةً على مكامن القوة لهذا الوطن ليرتقي بتلك الأمة لتكون "دولةٌ سعوديةٌ عظمى" يفتخر بها الجميع.
المملكة العربية السعودية جزء مهم في العالم، فهي تتأثر وتؤثر بما يجري على الساحة المحلية والعالمية، وقد حظيت باهتمام واعتراف دولي في تصديها للإرهاب والتطرف والغلو والفساد، فمن الإيمان الراسخ بتحقيق الأمن والأمان وإقامة العدل والسلام، عملت المملكة على تجفيف منابع الإرهاب والفساد واستئصاله بكافة الأنواع، كذلك حماية المجتمع السعودي من الفكر المتطرف واستشرافه والتصدي لمواجهته والوقاية منه؛ وذلك بإقامة المحاضرات والندوات والبرامج التي تهدف إلى نشر الوعي وتطوير وتحصين المجتمع من الناحية الدينية والفكرية والأمنية... إلى غير ذلك من المجالات، كما قامت بتعزيز الثقة تجاه كل ما يعادي البلاد من خلال ترسيخ المبادئ والأخلاق الإسلامية حكومةً وشعبًا والاعتزاز بها وتطبيقها في واقع الحياة.
اليوم الوطني لا يعني إقامة الاحتفالات والمهرجانات والفعاليات فقط، إنه يوم على الشعب بأكمله أن يعزز الشعور بالانتماء الوطني تجاهه والإخلاص له، فهو من أهم القيّم التي ينبغي تحقيقها في كافة المجالات التي تخدم الوطن، كما أن عليه أن يترجم هذه القيّم على أرض الواقع من خلال السلوكيات الإيجابية كالتمسك بالعادات والتقاليد والمشاركة في الأعمال الخيرية والبذل والتضحية من أجل الوطن، وأيضًا الإلتزام بالقوانين والأنظمة ... إلى غير ذلك من الأمور التي يمكن للمواطن السعودي أن يقدمها حبًا وولاءً لهذا الوطن.
وأخيرًا.. إن الأقلام السَيّالة لَتجِف والكلمات البليغة لتعجز عن التعبير عن حب الوطن وتقديم شيء من حقه علينا، فلا نملك إلا الدعاء الصادق لحكامنا وولاة أمرنا وعلمائنا وجنودنا البواسل على الحدود والشعب الأَبيّ، وأن يحفظ ديننا ويعز سعوديتنا ويديم علينا الأمن والأمان، وأن يجعل منّا أئمة يهدون إلى الحق وإلى الصراط المستقيم.
د. الجوهرة سعد العنزي
المعهد العالي للدعوة والاحتساب