أتى الأمر الملكي الكريم ذو الرقم (أ/371) والتاريخ 24/6/1443هـ الموافق 27/1/2022م؛ ليؤكد الاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بأئمتها وملوكها منذ عهد مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود – رحمه الله – إلى عهدنا الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظهما الله –، وليؤكد أيضًا حرصها التام منذ نشأتها على اجتماع الكلمة، وتوحيد الصف، والاهتمام بالبناء والاستقرار، والمحافظة على حياة كريمة لكل من يعيش على أراضيها، إضافة إلى تنمية المقدّرات الوطنية الذاتية، والاعتماد على الموارد الخاصة؛ لضمان الاستقلال، وعدم الارتهان للآخر، وصيانة الوحدة، ودوام العطاء وتعزيز الاكتفاء الذاتي، وهذا ما رمز إليه شعار يوم التأسيس، بما حواه من إشارة إلى العَلَم السعودي، والنخلة، والصقر، والخيل العربية، والسوق، فهذه خمسة عناصر جوهرية تعكس تناغمًا تراثيًا حيًا، وأنماطًا حياتيةً مستمرةً، تؤكد مُجتمِعَةً على عراقة الدولة السعودية واستقلالها ونشوئها منذ النصف الثاني من العام 1139هـ/1727م على أساس من التوحيد والعقيدة الصافية الثابتة النابعة من الكتاب والسنة، وعلى أُسُسٍ حضارية عريقة تحققت فيها الوحدة والاستقرار ولله الحمد والمنة.
كما ازدهرت فيها الثقافة وانتشرت المعرفة والعلوم الشرعية خاصة بعد مناصرة مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود – رحمه الله – لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – الإصلاحية وحمايتها، فنشطت الحركة العلمية في الدرعية وعموم أنحاء الدولة، وانتشر العلم الشرعي، وازداد طلاب العلم والعلماء برعاية واهتمام مباشر من الإمام محمد بن سعود – رحمه الله –، مع المحافظة على تلاقي الحضارات، بما تميزت به الدرعية عاصمة الدولة من موقع استراتيجي، أتاح لها استقبال القوافل التجارية، ووفود التجَّار، والاعتناء بطريق الحجاج القادمين من الشرق والشمال الشرقي للجزيرة العربية، وهو ما هيأ لها أن تكون مركزًا للتجارة وللعلم والمعرفة والتنوُّع الثقافي.
ثم سعت إلى المحافظة على ذلك كله وتنميته الدولتان السعودية الثانية والثالثة على مر أئمتها وملوكها الأماجد، كما ظهر جليًا فيما تغيَّاه موحِّد هذه البلاد المباركة مؤسس الدولة السعودية الثالثة المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيَّب الله ثراه –، وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها، وتنمية مقدراتها ومكتسباتها، والحفاظ على مكانتها الإقليمية والعربية والإسلامية والعالمية؛ لتتبوأ مكانة مرموقة في شتى المجالات، ومختلف المحافل.
حرس الله وطننا الغالي، وأدام أمنه وعزَّه ونماءه وازدهاره وسؤدده، ونصر جنده في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله ورعاه –، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – وفقه الله وسدده –، ووقى هذه الأرض العزيزة كل سوءٍ وشرٍّ وبلاءٍ، وصرف عنها كل مكرٍ ومكروهٍ، ورد كيد أعدائنا في نحورهم.
الدكتور : محمَّد بن أحمد الخضير
وكيل عمادة شؤون المعاهد في الخارج