اسمع هذه العبارة دائماً من والدي يذكر الناس بها في خطبه ومجالسه وفي المناسبات حيث كان يقول " احمدوا الله على نعمة الأمن " ، ولم أعلم عن سبب اصراره على تذكير الناس بها دائماً رغم أن بعض الشباب يرى أنها مبالغة ومجرد عبارة اعتاد على قولها في الخطب والمناسبات مثلها مثل العبارات التي تدعوا الناس إلى اتباع تعاليمهم الدين الاسلامي والعبادات وغيرها ، لكني أردت أن أستوضح منه   عن سبب ترديدها والتأكيد عليها رغم أننا نعيش ولله الحمد والمنة في أمن وأمان بفضل الله ثم بفضل حكومتنا الرشيدة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز فقال : " أن هذه البلاد منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه الذي وحد الكلمة وجمع الشتات وأنهى الاقتتال والمنازعات بين القبائل وأمن الخائف واستتب  الأمن في عهده في جميع انحاء الوطن وتحقق مطلب مهم للمواطن وهو حفظ ماله وعرضه وتعهد برعاية ذلك ابنائه البررة وساروا على منهجه وخططه،

فأصبح المواطن يتباها بهذه النعمة وينافس أرقى الدول من حيث الانظمة والتشريعات وأقواها من حيث العدة والعتاد بل أن خبرات هذا البلد الأمنية ومنها برنامج المناصحة بمركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية اصبح يستأنس به في بعض البلدان التي تعاني من الارهاب رغم أنها سبقتنا بمئات السنين في هذا الجانب إلا أني كما لا حظت علي في التذكير دائماً بنعمة الأمن لدي أرث قديم من التجارب والمواقف والحوادث التي تعرضنا لها بحكم مهنتي كتاجر  يعتمد على القوافل وتعرضت لتلك المحاولات وعاصرت أيام انعدام الأمن والخوف فتولد لدي احساس شديدة أخذ يلازمني دائماً ويجعلني استذكر هذه النعمة وأشكر الله عليها كما استذكر الأدعية اليومية وذلك لأهمية الأمن فلا وطن بلا أمن ولعل ما أرويه لك من القصص التي مررت بها قبل حكم الملك عبدالعزيز عهد إلي والدي رحمه الله وأنا صغير السن بالسفر إلى اليمن في القوافل التي تجلب أنواع السلع التجارية المختلفة وفي مقدمتها البن اليمني بأنواعه والأقمشة وكذلك أعمال الصرافة ولا شك أن تدفق السلع المختلفة من اليمن انعش الاقتصاد في جنوب المملكة ومرور تلك القوافل عبر ممرات وعرة ومناطق معدوم فيها الأمن تكلف التاجر الشي الكثير فالأمر بالنسبة له مغامرة فقد يحدث سلب وقتل من قطاع الطرق المنتشرين على طول طريق القوافل وهنا لابد من الحيطة و اليقظة من قبل حراس القافلة ( أقصد البوا ردية ) فهم في غاية الأهمية للتجار وعندما تدخل القوافل أرض الوطن يتنفس الجميع الصعداء وتكثر الاهازيج والفرح بالعودة إلى أرض الوطن ولذلك تولد لدينا معيار وهاجس أمني قد لا يكون لدى أحداً من هؤلاء الذين أذكرهم بنعمة الأمن والأمان لأني لمست ذلك كما يلمس الطفل الجمرة فيتولد لديه إحساس بأن كل شيء احمر جمرة ولعلكم تدركون ما تمر به بعض البلدان العربية من ويلات الحروب وانعدام الأمن وتدمير مقدرات البلد والأهم من ذلك القتل والتشريد والتجويع وانحطاط القيم وضعف الوازع الديني فأصبح المسلم يقتل المسلم على أتفه الأسباب كل ذلك في البلدان المجاورة والله جل في علاه حافظ هذا البلد بفضله ومنته وكرمه ثم هذه الحكومة الرشيدة التي تسهر الليل والنهار في سبيل تأمين هذا المطلب المهم لكل من يعيش على هذه البسيطة وهو الأمن ولهذا لا بد أن نحمد الله على هذه النعمة ونقف يداً واحداً وصفاً واحداً ضد المعتدي على أمن بلادنا ولا بد من الشعور بقيمة الوطن وحب الوطن والدفاع عنه بأغلى ما يملكه الانسان وفي مقدمة ذلك الذب والذود عنه ضد أي حاقد أو حاسد أو مخرب يريد زعزعت أمنه واستقراره فنحن في  بلد مستهدف ومحسود على ما فيه من نعم وأولها الحرمين الشريفين 

 ولهذا أوصيك ابني اعتباراً من الآن في وضع الأمن من أولويات أهدافك وإذا صار هذا هاجس لديك فإنك تلقائياً رجل أمن ومواطن في نفس الوقت، انتهت هذه العبارات الجميلة التي سردها والدي وكنت أتمنى أنها كانت في حضور أولئك الذين لم ترق لهم هذه العبارة.

 ولكن شاء القدر أن تذكر هذه العبارة عندما كان الناس يودعونه إلى مثواه الأخير وأثناء دفنه ذكرنا بها رجل من سنه وعاش معه حياته كامله فقال كان رحمه الله يذكر بنعمة الأمن ويكررها ونحن اليوم نلمسها وهي واقع نراه في البلدان المجاورة من اليمين واليسار وكان يقول (أحمدوا الله على هذه النعمة) والآن نؤكدها بعدد ذرات الرمل التي أهيلت على قبره رحمه الله ورحم موتى المسلمين وحفظ هذه البلاد من كل شر ومكروه.

أحمد بن دليم القحطاني

 جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية

لزيارة رابط البرنامج https://units.imamu.edu.sa/deanships/watani/Pages/default.aspx​