تخطي أوامر الشريط
التخطي إلى المحتوى الأساسي

 دولة التوحيد: رسوخ العقيدة وثبات المنهج

 
الدكتور بدر بن علي العبد القادر عميد معهد تعليم اللغة العربية

من الأشياء التي نحمد الله  -سبحانه وتعالى - عليها أنَّه أكرمنا بوطنٍ آمنٍ مطمئن، يأتيه رزقه رغدًا من كل مكان، وهيأ لنا فيه أسباب الرَّاحة والسعادة، إذ كَبَتَ أعداءنا، وأجاب دعاءنا، وامتن علينا بهذه الحكومة العادلة التي اتصفت بالمعروف، وأبعدتنا عن البدع والخرافات، وجمعتنا على السنة والهدى، وعملت وما زالت تعمل على راحتنا واطمئناننا، ما لا قِبل لنا بشكره ولو صرفنا في ذلك العمر كله.
فهذه البلاد تميزت – ولله الحمد - بميزات جليلة، وصفات عظيمة جعلتها تتربع على قائمة الدول الإسلامية قولاً وعملاً. فهي مهبِط الوحي، وبلاد الحرمين، وإليها يتجه المسلمون بقبلتهم، وبها موئل أفئدتهم. فقد حفظت الشريعة السمحة، وطبَّقت الشرع القويم، في زمن غيبت فيه الشريعة عن أكثر مسارح الحياة، وهذا ما يخلع على هذه البلاد ثوب الحبِّ والاعتزاز.
إن من الأشياء التي أقضَّت مضاجع أعداء هذه البلاد هو التزامها بشرع الله –سبحانه وتعالى -  في مخاطباتها ومعاملاتها، وهذا ما جعلهم يكيلون التُّهم لها، ويطعنون في أسسها، وما هدفهم إلا الإسلام ذاته. ولكن - ولله الحمد –سَعيُهم في تباب، وأمرهم في خَسَار، فدولتنا – نصرها الله - مازالت متمسكة بالأقوال الثابتة للدين الإسلامي ترعاه وتؤيده وتقوم به، وتأمر به وتنهى عن مخالفته، فقد نشأت بلادُنا على عقيدة نقيَّة سليمة صافية، وقامت عليها - بحمد الله - فالسُّنة مرفوعة، والبدعة مقموعة، والشرك لا أثر له، ولا ناصر له، ولا داعيَ إليه، وهذه من أعظم الفضائل لهذا الوطن. وهذه الميزة التي تميزنا بها يعرفها أهل الفضل، ويقــدرون قـــدرها، وقد أشـــــار إلى هــذا الأمر سـمـاحة الشـــيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله -  فقال حينما تكلم عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله -   وأثرها في نشر العقيدة الصحيحة: "ومن أبرز هؤلاء الدُّعاة المصلحين الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر الهجري  -رحمه الله - الذي وفّقَه الله للقيام بدعوة إصلاحية عظيمة أعادت للإسلام في الجزيرة العربية قوته وصفاءه ونفوذه، وطهَّر الله به الجزيرة من الشرك والبدع، وهداهم به إلى الصراط المستقيم.
 وامتدت آثار هذه الدعوة المباركة إلى أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، وتأثر بها عدد من العلماء والمصلحين فيه، وكان من أقوى أسباب نجاح هذه الدعوة أن هيأ الله لها حكامًا آمنوا بها، ونصروها وآزروها، وآزروا دُعاتها، وهم الحكام من آل سعود، بدءًا من الإمام المجاهد محمد بن سعود – رحمه الله -   مؤسس الدولة السعودية، ثم أبنائه وأحفاده من بعده. وهذه الدعوة هي الدعوة الإسلامية التي دعا إليها الرسول – صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام رضي الله عنهم، وسلف هذه الأمة الصالح، ولهذا نجحت وحققت آثارًا عظيمة رغم كثرة أعدائها ومعارضيها في العالم الإسلامي أثناء قيامها، وهذه الدعوة وإن كانت سلسلة في دعوة الإصلاح، ومرتبطة بمذهب السلف الصالح السابق لها، ولم تخرج عنه، إلا أنها تستحق المزيد من الدراسة والعناية، وتبصير الناس بها؛ لأنَّ الكثير من الناس لا يزال جاهلاً حقيقتها، ولأنها أثمرت ثمرات عظيمة لم تحصل على يد مصلح قبله بعد القرون المفضلة، وذلك لما ترتَّب عليها من قيام مجتمع يحكمه الإسلام، ووجود دولة تؤمن بهذه الدعوة، وتطبق أحكامها تطبيقًا صافيا نقيًّا في جميع أحوال الناس في العقائد والأحكام والعادات والحدود والاقتصاد وغير ذلك مما جعل بعض المؤرخين لهذه الدعوة يقول: إن التاريخ الإسلامي بعد عهد الرسالة والخلفاء الراشدين لم يشهد التزامًا تامًّا بأحكام الإسلام كما شهدته الجزيرة العربية في ظل الدولة السعودية التي أيدت هذه الدعوة، ودافعت عنها.
 ولا تزال هذه البلاد والحمد لله تنعم بثمرات هذه الدعوة أمنًا واستقرارًا ورغدًا في العيش، وبُعدًا عن البدع والخرافات التي أضرَّت بكثير من البلاد الإسلامية حيث انتشرت فيها، والمملكة حكامًا وعلماء يهمهم أمر المسلمين في العالم كله ؛ ولذلك يحرصون على نشر الإسلام في ربوع الدنيا لتنعم بما تنعم به هذه البلاد.حفظ الله لبلادنا أمنها وحكومتها واستقراها.... آمين".
هذا كلام سماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله -  عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله -   وعن مناصرة آل سعود لها، ومن مثل هذا يؤخذ العلم، فمن أراد لنفسه النجاة، ولدينه السلامة فلا يلتفت إلى كلام الأوباش والمغرضين الذين لا وجود لهم في العلم، ولا حضور لهم في الدعوة، ولا قدم صدق لهم في خدمة الإسلام، فمن التفت إليهم، أو أخذ عنهم فقد ضلَّ وأَضَل.
وامتدادًا للحديث عمَّا تميزت به بلادنا ، فهي – والله الحمد – تمرُّ بعصرِ رخاء ورغد، وقد جمع الله -سبحانه وتعالى -  في هذا البلد ما لم يجمعه في أي بلدٍ آخر لا من حيث الدين، ولا من حيث الدُّنيا، فمملكتنا هي البلد الوحيد الذي يتصف بصفة الأمن التي ذكرها الله-سبحانه وتعالى -   في القرآن الكريم، وهو لم يأت بشكل عفوي، ولم ينشأ من فراغ، وإنما يقف وراء ذلك منظومة متكاملة من العمل، والإخلاص، والفكر، والممارسة منذ توحيدها، وكان أن عُرفت في أنحاء الدنيا بتلك الصفة، وأصبحت تجربتها تجربة رائدة تتمناها وتتوق إليها أرقى دول العالم.
فالواجب حمد الله -سبحانه وتعالى - على هذه النعمة وصيانتها وحفظها، وتفويت الفرصة على أهل الحسد والمآرب المشينة، طاعة للخالق، وحِفظًا للدين، واستجابة لولاة أمرنا، وتقديرًا للنعمة، وحماية للوطن، حفظ الله لنا ديننا ووطننا وولاة أمرنا ونصرهم وأيدهم، إنه سميع مجيب.
د.بدر بن علي العبد القادر
عميد معهد تعليم اللغة العربية​

--
22/08/1439 03:21 م
آخر تعديل تم على الخبر:
 

المحتوى المرتبط

بحث / ربط المحتوى

    عنوان المحتوى التاريخ